( ومن كان مريضا في رمضان فخاف إن صام ازداد مرضه أفطر وقضى ) وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله : لا يفطر ، [ ص: 351 ] هو يعتبر خوف الهلاك أو فوات العضو كما يعتبر في التيمم ، ونحن نقول : إن زيادة المرض وامتداده قد يفضي إلى الهلاك فيجب الاحتراز عنه ( وإن كان مسافرا لا يستضر بالصوم فصومه أفضل ، وإن أفطر جاز ) لأن السفر لا يعرى عن المشقة فجعل نفسه عذرا ، بخلاف المرض فإنه قد يخفف بالصوم فشرط كونه مفضيا إلى الحرج . وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله : الفطر أفضل لقوله صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=33800ليس من البر الصيام في السفر } ولنا أن رمضان أفضل الوقتين فكان الأداء فيه أولى ، وما رواه محمول على حالة الجهد ( وإذا مات المريض أو المسافر وهما على حالهما يلزمهما القضاء ) [ ص: 352 ] لأنهما لم يدركا عدة من أيام أخر ( ولو صح المريض وأقام المسافر ثم ماتا لزمهما القضاء بقدر الصحة والإقامة ) لوجود الإدراك بهذا المقدار . وفائدته وجوب الوصية بالإطعام .
[ ص: 353 ] وذكر nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي فيه خلافا بين nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبي يوسف وبين nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد وليس بصحيح وإنما الخلاف في النذر . والفرق لهما أن النذر سبب فيظهر الوجوب في حق الخلف ، وفي هذه المسألة السبب إدراك العدة فيتقدر بقدر ما أدرك .
( فصل ) هذا الفصل في العوارض وهي حرية بالتأخير . الأعذار المبيحة للفطر : المرض . والسفر ، والحبل ، والرضاع إذا أضر بها أو بولدها ، والكبر إذا لم يقدر عليه . والعطش الشديد والجوع كذلك إذا خيف منهما الهلاك ، أو نقصان العقل ، كالأمة إذا ضعفت عن العمل وخشيت الهلاك بالصوم ، وكذا الذي ذهب به متوكل السلطان إلى العمارة في الأيام الحارة ، والعمل الحثيث إذا خشي الهلاك أو نقصان العقل . وقالوا : الغازي إذا كان يعلم يقينا أنه يقاتل العدو في شهر رمضان ويخاف الضعف إن لم يفطر ، يفطر قبل الحرب مسافرا كان [ ص: 351 ] أو مقيما .
( قوله هو يعتبر خوف الهلاك ) الظاهر من كلام أصحابهم أنه كقولنا . وجه قولنا أن قوله تعالى { فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر } يبيح الفطر لكل مريض ، لكن القطع بأن شرعية الفطر له إنما هو لدفع الحرج ، وتحقق الحرج منوط بزيادة المرض أو إبطاء البرء أو فساد عضو ، ثم معرفة ذلك باجتهاد المريض ، والاجتهاد غير مجرد الوهم ، بل هو غلبة الظن عن أمارة أو تجربة أو بإخبار طبيب مسلم غير ظاهر الفسق ، وقيل عدالته شرط ، فلو برئ من المرض لكن الضعف باق وخاف أن يمرض سئل عنه القاضي الإمام فقال : الخوف ليس بشيء . وفي الخلاصة : لو كان نوبة حمى فأكل قبل أن تظهر يعني في يوم النوبة لا بأس به .
( قوله وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : الفطر أفضل ) والحق أن قوله كقولنا ولم يحك ذلك عنه إنما هو مذهب nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد رحمه الله ، والحديث الذي رواه في الصحيحين وسنورده . وقول الظاهرية إنه لا يجوز الصوم لهذا الحديث لقوله تعالى { فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر } فجعل السبب في حقه إدراك العدة فلا يجوز قبل السبب ( قوله ولنا أن رمضان أفضل الوقتين ) والصوم في أفضل وقتي الصوم أفضل منه في غيره .
واعلم أن هذا في الصحيحين عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما { nindex.php?page=hadith&LINKID=82971خرج عليه الصلاة والسلام عام الفتح في رمضان فصام حتى بلغ الكديد ثم أفطر } قال الزهري : وكان الفطر آخر الأمرين . وقال ابن القطان : هكذا قال : يعني البزار عبد الله بن عيسى ، وقال غيره : أي غير البزار عبد الله بن موسى وهو أشبه بالصواب . وهو عبد الله بن موسى بن إبراهيم بن محمد بن طلحة بن عبيد الله التميمي القرشي . يروي عن nindex.php?page=showalam&ids=111أسامة بن زيد وهو لا بأس به ا هـ . وهذا مما يتمسك به القائلون بمنع الصوم لا غيرهم باعتبار ما كان آخر الأمر . فالحاصل التعارض بحسب الظاهر ، والجمع ما أمكن أولى من إهمال أحدهما واعتبار نسخه من غير دلالة قاطعة فيه . والجمع بما قلنا من حمل ما ورد من نسبة من لم يفطر إلى العصيان وعدم البر وفطره بالكديد على عروض المشقة خصوصا . وقد ورد ما قدمناه من نقل وقوعها فيجب المصير إليه خصوصا وأحاديث الجواز أقوى ثبوتا واستقامة مجيء وأوفق لكتاب الله تعالى ، قال الله تعالى بعد قوله سبحانه { فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر } فعلل التأخير إلى إدراك العدة بإرادة اليسر ، واليسر أيضا لا يتعين في الفطر ، بل قد يكون اليسر في الصوم إذا كان قويا عليه غير مستضر به لموافقة الناس . فإن في الائتساء تخفيفا ، ولأن النفس توطنت على هذا الزمان ما لم تتوطن على غيره فالصوم فيه أيسر عليها . وبهذا التعليل علم أن المراد بقوله { فعدة من أيام أخر } ليس معناه يتعين [ ص: 353 ] ذلك بل المعنى فأفطر فعليه عدة ، أو المعنى فعدة من أيام أخر يحل له التأخير إليها لا كما ظنه أهل الظواهر .
( قوله وحكى nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي رحمه الله فيه خلافا بين nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبي يوسف وبين nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد ) وهو أن عندهما يلزمه إذا صح وأقام يوما قضاء الكل فيلزم الإيصاء بالجميع ، وعند nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد إنما يلزمه قدر ما صح وأقام ، والصحيح الاتفاق في القضاء وهو إنما يلزمه قدر الصحة والإقامة ، وأن الخلاف إنما هو في النذر ، وهو ما إذا قال المريض : لله علي صوم شهر مثلا فصح يوما ، فعندهما يلزمه الكل والإيصاء به ، وعند nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد رحمه الله قدر ما صح .
وجه الفرق لهما أن النذر هو السبب في وجوب الكل فإذا وجد منه في المرض ومات من ذلك المرض فلا شيء عليه ، فإن صح صار كأنه قال ذلك في الصحة ، والصحيح لو قاله ومات قبل إدراك عدة المنذور لزمه الكل فكذلك هذا بخلاف القضاء لأن السبب هو إدراك العدة وحقيقة هذا الكلام المذكور في النذر إنما يصح على تقدير كون النذر بذلك غير موجب شيئا في حالة المرض وإلا لزم الكل وإن لم يصح لتظهر فائدته في الإيصاء بل هو معلق بالصحة ، وإن لم يذكر أدوات التعليق تصحيحا لتصرف المكلف ما أمكن والنذر مما يتعلق بالشرط كقوله : إن شفى الله مريضي فلله علي كذا ، فينزل عند الصحة فيجب الكل ، ثم يعجز عنه لعدم إدراك العدة فيجب الإيصاء كما لو لم يجعل [ ص: 354 ] معلقا في المعنى على ما قلنا ، وأما قولهم : السبب إدراك العدة ، فهل المراد أن إدراك العدة سبب لوجوب القضاء على المريض أو الأداء ، فصرح في شرح الكنز فقال في الفرق المذكور : وسبب القضاء إدراك العدة فيتقدر بقدره .
وفي المبسوط جعله سبب وجوب الأداء . وعلى ظاهر الأول أن سبب القضاء على ما اعترفوا بصحته هو سبب وجوب الأداء ، فيكون إدراك العدة سبب وجوب الأداء كما ذكره في المبسوط ، ويلزم عدم حل التأخير عن أول عدة يدركها ، فإن قال : سبب وجوب الأداء لا يستلزم حرمة التأخير عنه . قلنا : فليكن نفس رمضان سبب وجوب الأداء على المريض ، إذ لا مانع من هذا الاعتبار سوى ذلك اللازم ، فإذا كان منتفيا لزم إذ هو الأصل ، ويلزمه الإيصاء بالكل إذا لم يدرك العدة كما هو قول nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد على رواية nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي .