فإن ضمن رجع المعتق على العبد ( والولاء للمعتق ، وإن أعتق أو استسعى فالولاء بينهما ، وإن كان المعتق معسرا فالشريك بالخيار إن شاء أعتق وإن شاء استسعى العبد ) والولاء بينهما في الوجهين . وهذا عند nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة رحمه الله . .
( فإن ضمن رجع المعتق على العبد والولاء للمعتق ، وإن أعتق أو استسعى فالولاء بينهما في الوجهين ) أي في الإعتاق والسعاية ( وهذا ) كله ( عند nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة رحمه الله ) هكذا ذكر في الأصل ، وذكر في التحفة خمس خيارات : هذه الثلاثة وأن يدبره وعلمت حكمه أن يستسعى وأن يكاتبه وهو يرجع إلى معنى الاستسعاء ، ولو عجز استسعى ، ولو امتنع العبد عن السعاية يؤاجره جبرا ، ويدل على أن الكتابة في معنى الاستسعاء أنه لو كاتبه على أكثر من قيمته إن كان من النقدين لا يجوز إلا أن يكون قدرا يتغابن الناس فيه ، لأن الشرع أوجب السعاية على قيمته فلا يجوز الأكثر ، وكذا لو صالحه على عوض أكثر ، وإن كاتبه على عروض [ ص: 463 ] قيمتها أكثر من قيمته جاز ، ولو كان الساكت صبيا والمعتق موسرا فالخيار بين التضمين والسعاية لوليه ، والتضمين أولى لأنه أنظر ، ولو لم يكن له ولي انتظر بلوغه ليختار . قيل هذا في موضع ليس فيه قاض ، فإن كان في موضع فيه قاض نصب القاضي له قيما ليختار التضمين أو الاستسعاء ، وليس للولي اختيار العتق لأنه تبرع بمال الصبي ، وكذا لو كان مكان الصبي مكاتب أو عبد مأذون ليس لهما إلا التضمين أو الاستسعاء ، أما المكاتب فإن له أن يكاتب والاستسعاء بمنزلة الكتابة ، وأما العبد المأذون فالقياس أن يكون له حق التضمين فقط ; لأن الاستسعاء بمنزلة الكتابة وليس للعبد المأذون أن يكاتب ، ولكن قال : سبب الاستسعاء قد تقرر وهو عتق الشريك على وجه لا يمكن إبطاله ، وربما يكون الاستسعاء أنفع من التضمين فلهذا ملك المأذون ذلك وإن كان لا يملك الكتابة ابتداء .
وإذا اختار المكاتب أو المأذون التضمين أو الاستسعاء فولاء نصيبهما لمولاهما لأنهما ليسا من أهل الولاء فيثبت الولاء لأقرب الناس إليهما وهو المولى ، وإن لم يكن على العبد دين فالخيار للمولى لأن كسبه مملوك للمولى في هذه الحالة ، وتقدير القيمة يوم الإعتاق ، فلو كان فيه صحيحا ثم عمي يجب نصف قيمته صحيحا ، وقلبه لو كان أعمى يوم العتق فانجلى بياض عينيه يجب نصف قيمته أعمى لأنه حال ثبوت سبب الضمان ، وكذا يعتبر اليسار والإعسار وقت العتق ، فلو كان موسرا وقت العتق فأعسر لا يسقط عنه الضمان ، ولو كان معسرا فأيسر لا ضمان .
ولو اختلفا في قيمته يوم أعتقه ، فإن كان العبد قائما نظر إلى قيمته يوم ظهر العتق حتى إذا لم يتصادقا على العتق فيما مضى يقوم للحال لأن العتق حادث فيحال على أقرب أوقات ظهوره ، وكذلك إن أراد أن يستسعي العبد ، ولو تصادقوا على وقت العتق واختلفوا في قيمته في ذلك الوقت فالقول قول المعتق كالغاصب ; لأنه ضامن وينكر الزيادة .
ولو اختلفا في اليسار والإعسار فقال المعتق : أعتقت وأنا معسر وقال الشريك بل وأنت موسر ، نظر إلى حاله يوم ظهر العتق إما لأنه كالمنشئ للعتق في الحال أو لأنه لما وقع الاختلاف فيما مضى يحكم الحال ، فإن كان في الحال موسرا فالظاهر شاهد لمن يدعي اليسار فيما مضى ، وإن كان معسرا في الحال فالظاهر شاهد لمن يدعي العسرة فيما مضى ، وهو كالمستأجر مع رب الطاحونة إذا اختلفا في جريان الماء في المدة يحكم الحال .
ولو تصادقا على أن العتق كان سابقا عليه في مدة يختلف حاله فيه فالقول قول المعتق في إنكار يساره لأنه ينكر المعنى الموجب للضمان ، وإذا كان موسرا يوم أعتقه فاختار الشريك ضمانه ثم بدا له أن يبرئه ويستسعي الغلام لم يكن لذلك .
وروى nindex.php?page=showalam&ids=13234ابن سماعة عن nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد أنه إن قضى القاضي له بالضمان أو رضي به المعتق فليس له أن يستسعي الغلام بعد ذلك وإلا فله . قيل : ما ذكر في الأصل من الإطلاق محمول على ذلك التفصيل ، وقيل بل في المسألة روايتان ، ولو مات الساكت قبل أن يختار شيئا فلورثته من الخيار ما كان له ; لأنهم قائمون مقامه بعد موته ، وليس هذا توريث الخيار بل المعنى الذي أوجب الخيار للمورث ثابت للورثة ، فإن شاءوا أعتقوا وإن شاءوا استسعوا العبد وإن شاءوا ضمنوا المعتق ، فإن ضمنوه فالولاء كله للمعتق لأنه بأداء الضمان إليهم يملك نصيبهم كما كان يتملك بالأداء إلى المورث ، وإن اختاروا الإعتاق أو الاستسعاء فالولاء في هذا النصيب للذكور من أولاد الميت دون الإناث لأن معتق البعض كالمكاتب ، والمكاتب لا يورث عينه وإنما يورث ما عليه من المال فيعتق نصيب [ ص: 464 ] الساكت على ملكه والولاء يكون له فيخلفه في ذلك الذكور من أولاده دون الإناث إذ الولاء لا يورث ، وإن اختار بعض الورثة السعاية وبعضهم الضمان فلكل واحد منهم ما اختار من ذلك لأن كل واحد منهم فيما ورث قائم مقام الميت .
وروى الحسن عن nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة أنه ليس لهم ذلك إلا أن يجتمعوا على التضمين أو الاستسعاء . قال في المبسوط : هذا هو الأصح لأنه صار كالمكاتب لا يملك بالإرث ، فكذلك هم لا يملكون نصيب الساكت بعد موته ، والدليل عليه فصل الولاء الذي تقدم لا يثبت لهم بالإعتاق ابتداء ، ولكنهم خلفاء المورث يقومون مقامه ، وليس للمورث أن يختار التضمين في البعض والسعاية في البعض فكذا الورثة ، ولو لم يمت الساكت ولكن مات العبد قبل أن يختار الساكت شيئا فله أن يضمن المعتق قيمة نصيبه إن كان موسرا . وروى nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف عن nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة أنه ليس له أن يضمنه قيمة نصيبه بعد موت العبد لأن نصيبه من العبد باق على ملكه والضمان غير متعين على المعتق ما لم يختر ضمانه ، فإذا هلك على ملكه فليس له أن يتقرر الضمان على شريكه بعد ذلك ، وهذا لأن صحة اختيار التضمين معلق بشرط هو أن يملك نصيبه منه بالضمان وقد فات هذا الشرط بموته لأن الميت لا يحتمل التمليك . وجه ظاهر الرواية أن وجوب الضمان عليه بالإعتاق لأن السبب وهو الإفساد قد تحقق به فكان بمنزلة الغصب ، وموت العبد بعد الغصب لا يمنع من تضمين الغاصب ، وهذا لأن تضمينه من وقت العتق وكان محلا للتمليك عند ذلك ; بخلاف ما لو باعه نصيبه أو وهبه على عوض حيث لا يجوز في الاستحسان وإن كان القياس جوازه كالتضمين لأن هذا تمليك للحال وهو غير محل له . وفي جامع قاضي خان : لو أعتق أحد الشريكين في مرض موته وهو موسر ثم مات لا يؤخذ ضمان العتق من تركته في قول nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة رحمه الله ، بل يسقط لأن الضمان يجب بطريق التحمل صلة والصلات تسقط بالموت ، وعندهما يؤخذ به لأنه ضمان إتلاف ، وإنما عرف استسعاء العبد عند عسرته بالنص بخلاف القياس .