[ ص: 246 ] وقوله :
قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله أو أتتكم الساعة ؛ " الساعة " : اسم للوقت الذي يصعق فيه العباد؛ واسم للوقت الذي يبعث فيه العباد؛ والمعنى : إن أتتكم الساعة التي وعدتم فيها بالبعث والفناء؛ لأن قبل البعث موت الخلق كله. وقوله - جل وعز - :
أغير الله تدعون ؛ أي : أتدعون هذه الأصنام والحجارة التي عبدتموها من دون الله؟ فاحتج الله عليهم بما لا يدفعونه؛ لأنهم كانوا إذا مسهم الضر دعوا الله؛ وقال النحويون في هذه الكاف التي في قوله : " أرأيتكم " ؛ غير قول؛ قال
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء : لفظها لفظ نصب؛ وتأويلها تأويل رفع؛ قال : ومثلها الكاف في قوله : " دونك زيدا " ؛ قال : الكاف في موضع خفض؛ وتأويلها تأويل الرفع؛ لأن المعنى : " خذ زيدا " ؛ وهذا لم يقله من تقدم من النحويين؛ وهو خطأ؛ لأن قولك : " أرأيتك زيدا ما شأنه؟ " تصير " أرأيت " ؛ قد تعدت إلى الكاف؛ وإلى زيد؛ فيصير لـ " رأيت " ؛ اسمان؛ فيصير المعنى : " أرأيت نفسك زيدا ما حاله؟ " ؛ وهذا محال؛ والذي يذهب إليه النحويون الموثوق بعلمهم أن الكاف لا موضع لها؛ وإنما المعنى : " أرأيت زيدا ما حاله؟ " ؛ وإنما الكاف زيادة في بيان الخطاب؛ وهي المعتمد عليها في الخطاب؛ اعلم أنك تقول - إذا كانت الكاف زائدة للخطاب؛ للواحد الذكر - : " أرأيتك زيدا ما حاله؟ " ؛ بفتح التاء؛ والكاف؛ وتقول للمؤنث : " أرأيتك زيدا ما حاله يا امرأة " ؛ وتفتح على أصل خطاب الذكر؛ وتكسر الكاف؛ لأنها قد صارت آخر ما في الكلمة؛ والمبينة عن الخطاب؛ وتقول
[ ص: 247 ] للاثنين : " أرأيتكما زيدا ما حاله؟ " ؛ و " أرأيتكم زيدا ما حاله " ؛ للجماعة؛ فتوحد التاء؛ فكما وجب أن توحدها في التثنية والجمع؛ وجب أن تذكرها مع المؤنث؛ فإذا سألت النسوة قلت : " أرأيتكن زيدا ما حاله؟ " ؛ وتثنية المؤنث كتثنية المذكر في كل شيء؛ فإن عديت الفاعل إلى المفعول في هذا الباب؛ صارت الكاف مفعوله؛ تقول : " رأيتني عالما بفلان " ؛ فإذا سألت عن هذا الشرط قلت للرجل : " أرأيتك عالما بفلان؟ " ؛ وتقول للاثنين على هذا : " أرأيتاكما عالمين بفلان؟ " ؛ وللجميع : " أرأيتموكم عالمين بفلان؟ " ؛ لأن هذا في تأويل " أرأيتم أنفسكم؟ " ؛ وتقول للمرأة : " أرأيتك عالمة بفلان " ؛ بكسر التاء والكاف؛ وتقول للاثنين : " أرأيتماكما عالمين بفلان؟ " ؛ وللجماعة : " أرأيتكن عالمات بفلان؟ " ؛ فعلى هذا قياس هذين البابين.