[ ص: 3 ] كتاب النكاح
فائدتان
إحداهما : "
النكاح " له معنيان . معنى في اللغة ، ومعنى في الشرع . فمعناه في اللغة : الوطء . قاله
الأزهري . وقيل للتزويج : نكاح ، لأنه سبب الوطء . قال
أبو عمرو غلام
ثعلب : الذي حصلناه عن
ثعلب عن الكوفيين ،
nindex.php?page=showalam&ids=15153والمبرد عن البصريين : أن " النكاح " في أصل اللغة : هو اسم للجمع بين الشيئين قال الشاعر :
أيها المنكح الثريا سهيلا عمرك الله كيف يجتمعان
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14042الجوهري : النكاح الوطء وقد يكون العقد . و " نكحتها " و " نكحت هي " أي تزوجت . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : النكاح في كلام العرب بمعنى الوطء والعقد جميعا . وموضع " نكح " في كلامهم لزوم الشيء الشيء راكبا عليه . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13042ابن جني : سألت
nindex.php?page=showalam&ids=12095أبا علي الفارسي عن قولهم " نكحها ؟ " . فقال . : فرقت العرب فرقا لطيفا ، يعرف به موضع العقد من الوطء . فإذا قالوا " نكح فلانة " أو " بنت فلان " أرادوا تزويجها ، والعقد عليها . وإذا قالوا " نكح امرأته " لم يريدوا إلا المجامعة ; لأن بذكر امرأته وزوجته تستغنى عن العقد . قال
الزركشي : فظاهره الاشتراك ، كالذي قبله ، وأن القرينة تعين . قال
الشيخ تقي الدين رحمه الله : معناه في اللغة : الجمع والضم على أتم الوجوه
[ ص: 4 ] فإن كان اجتماعا بالأبدان : فهو الإيلاج الذي ليس بعده غاية في اجتماع البدنين . وإن كان اجتماعا بالعقود : فهو الجمع بينهما على الدوام واللزوم . ولهذا يقال : استنكحه المذي ، إذا لازمه وداومه . انتهى .
ومعناه في الشرع : عقد التزويج . فهو حقيقة في العقد ، مجاز في الوطء . على الصحيح . اختاره
nindex.php?page=showalam&ids=13439المصنف ،
والشارح ،
nindex.php?page=showalam&ids=13372وابن عقيل ،
وابن البنا .
nindex.php?page=showalam&ids=14953والقاضي في التعليق في كون المحرم لا ينكح ، لما قيل له ، إن النكاح حقيقة في الوطء قال : إن كان في اللغة حقيقة في الوطء ، فهو في عرف الشرع للعقد . قاله
الزركشي . وجزم به
الحلواني ،
وأبو يعلى الصغير . قاله في الفروع . قال
الحلواني : هو في الشريعة عبارة عن العقد بأوصافه ، وفي اللغة : عبارة عن الجمع . وهو الوطء . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13372ابن عقيل : الصحيح أنه موضوع للجمع . وهو في الشريعة في العقد أظهر استكمالا . ولا نقول : إنه منقول . نقله
ابن خطيب السلامية في تعليقه على المحرر . وقدمه
ابن منجا في شرحه ، وصاحب الرعاية الكبرى ، والفروع . وذلك لأنه أشهر في الكتاب والسنة . وليس في الكتاب لفظ " النكاح " بمعنى الوطء ، إلا قوله تعالى {
حتى تنكح زوجا غيره } على المشهور . ولصحة نفيه عن الوطء ، فيقال : هذا سفاح ، وليس بنكاح . وصحة النفي : دليل المجاز . وقيل : هو حقيقة في الوطء ، مجاز في العقد . اختاره
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي في أحكام القرآن ، وشرح
nindex.php?page=showalam&ids=14209الخرقي ، والعمدة .
nindex.php?page=showalam&ids=11851وأبو الخطاب في الانتصار ، وصاحب عيون المسائل ،
وأبو يعلى الصغير . قاله
الزركشي ،
وابن خطيب السلامية . لما تقدم عن
الأزهري ، وغلام
ثعلب . والأصل عدم النقل .
[ ص: 5 ] قال
nindex.php?page=showalam&ids=11851أبو الخطاب : وتحريم
من عقد عليها الأب استفدناه من الإجماع والسنة . وهو بالإجماع القطعي في الجملة . وقيل : هو مشترك ، يعني : أنه حقيقة في كل واحد منهما بانفراده . وعليه الأكثر . قال في الفروع : والأشهر أنه مشترك . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي في المحرر : قاله
الزركشي ، والجامع الكبير . قال
ابن خطيب السلامية : الأشبه بأصولنا ومذهبنا : أنه حقيقة في العقد والوطء جميعا في الشريعة ; لقولنا بتحريم موطأة الأب من غير تزويج ، لدخولها في قوله تعالى {
ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء } وذلك لورودها في الكتاب العزيز . والأصل في الإطلاق : الحقيقة . قال
ابن خطيب السلامية ، قال
أبو الحسين : النكاح عند
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد رحمه الله حقيقة في الوطء والعقد جميعا . وقاله
أبو حكيم . وجزم به ناظم المفردات . وهو منها . وقيل : هو حقيقة فيهما معا . فلا يقال : هو حقيقة على أحدهما بانفراده . بل على مجموعهما . فهو من الألفاظ المتواطئة . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13168ابن رزين : والأشبه أنه حقيقة في كل واحد باعتبار مطلق الضم . لأن التواطؤ خير من الاشتراك والمجاز ; لأنهما على خلاف الأصل . انتهى .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13615ابن هبيرة : وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد رحمهما الله : هو حقيقة في العقد والوطء جميعا . وليس أحدهما أخص منه بالآخر . انتهى .
مع أن هذا اللفظ محتمل أن يريد به الاشتراك . وقال في الوسيلة : كما قال
ابن هبيرة وذكر : أنه عند
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد رحمه الله كذلك . انتهى .
والفرق بين الاشتراك والتواطؤ : أن الاشتراك يقال على كل واحد منهما
[ ص: 6 ] بانفراده حقيقة ، بخلاف المتواطئ . فإنه لا يقال حقيقة إلا عليهما مجتمعين لا غير . والله أعلم .
وقال
الشيخ تقي الدين رحمه الله : هو في الإثبات لهما ، وفي النهي لكل منهما . بناء على أنه إذا نهي عن شيء نهي عن بعضه . والأمر به أمر بكله ، في الكتاب والسنة والكلام . فإذا قيل مثلا " انكح ابنة عمك " كان المراد العقد والوطء . وإذا قيل " لا تنكحها " تناول كل واحد منهما .