أي : هذا باب في بيان العدل بين النساء ; يعني إذا كان رجل له امرأتان أو ثلاث أو أربع يجب عليه أن يعدل بينهن في القسم إلا برضاهن بأن يرضين بتفضيل بعضهن على بعض ، ويحسن معهن عشرتهن ولا يدخل بينهن من التحاسد والعداوة ما يكدر صحبته لهن ، وتمام العدل أيضا بينهن تسويتهن في النفقة والكسوة والهبة ونحوها .
وروى الأربعة أيضا من حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم : nindex.php?page=hadith&LINKID=663430إذا كان عند الرجل امرأتان فلم يعدل بينهما جاء يوم القيامة وشقه ساقط . قيل : المراد سقوط شقه حقيقة ، أو المراد سقوط حجته بالنسبة إلى إحدى امرأتيه التي مال عليها مع الأخرى ، والظاهر الحقيقة تدل عليها رواية nindex.php?page=showalam&ids=11998أبي داود " وشقه مائل والجزاء من جنس العمل " ، ولما لم يعدل أو حاد عن الحق والجور الميل كان عذابه بأن يجيء يوم القيامة على رؤوس الأشهاد وأحد شقيه مائل ، فإن قلت : أمر المزوجون بالعدل بين نسائهم والآية تخبر بأنهم لا يستطيعون أن يعدلوا ! قلت : المنفي في الآية العدل بينهن من كل جهة ، ألا ترى كيف قال النبي صلى الله عليه وسلم " فلا تلمني فيما تملك ولا أملك " ؟ وقال nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي : يعني به الحب والمودة ; لأن ذلك مما لا يملكه الرجل ولا هو في قدرته . وقال nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : لا تستطيع أن تعدل بالشهوة فيما بينهن ولو حرصت . وقال nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر : دلت هذه الآية على أن التسوية بينهن في المحبة غير واجبة ، وقد أخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة أحب إليه من غيرها من أزواجه فلا تميلوا كل الميل بأهوائكم حتى يحملكم ذلك على أن تجوروا في القسم على التي لا تحبون .
قوله فلا تميلوا كل الميل ; أي فلا تجوروا على المرغوب عنها كل الجور فتمنعوها قسمتها من غير رضاها .
قوله فتذروها ; أي فتتركوها كالمعلقة وهي التي ليست بذات بعل ولا مطلقة ، وقيل : لا أيم ولا ذات زوج .
قوله وإن تصلحوا ; أي فيما بينكم وبينهن بالاجتهاد منكم في العدل [ ص: 200 ] بينهن وتتقوا الميل فيهن فإن الله غفور ما عجزت عنه طاقتكم من بلوغ الميل منكم فيهن .
قوله وإن يتفرقا ; يعني وإن يفارق كل منهما صاحبه يغن الله كلا ; يعني يرزقه زوجا خيرا من زوجه وعيشا أهنأ من عيشه ، والسعة الغنى والقدرة ، والواسع الغني المقتدر .