" وقول الله " بالجر عطفا على ما قبله ، والتقدير : وفي بيان قول الله عز وجل .
والمطابقة بين الترجمة والآية أن الآية أيضا في بيان إثم مانع الزكاة ، نزلت هذه الآية في عامة أهل الكتاب والمسلمين ، وقيل : بل خاصة بأهل الكتاب . وقيل : بل هو كلام مستأنف في حق من لا يزكي من هذه الأمة ، قاله nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي وأكثر المفسرين . وسيجيء في تفسير هذه عن nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16818قتيبة ، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=15628جرير ، عن حصين ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15950زيد بن وهب قال : مررت على nindex.php?page=showalam&ids=1584أبي ذر بالربذة فقلت : ما أنزلك هذه الأرض ؟ فقال : كنا بالشام فقرأت " والذين يكنزون الذهب والفضة " الآية ، فقال معاوية : ما هذا فينا ، ما هذا إلا في أهل الكتاب . قال : قلت : إنها لفينا وفيهم . ورواه nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير ، وزاد : فارتفع في ذلك القول بيني وبينه ، فكتب إلى عثمان رضي الله تعالى عنه يشكوني ، فكتب إلي عثمان أن أقبل إليه ، قال : فأقبلت ، فلما قدمت المدينة ركبني الناس كأنهم لم يروني يومئذ ، فشكوت ذلك إلى عثمان فقال لي : تنح قريبا . فقلت : والله لن أدع ما كنت أقول ، وكان من مذهب nindex.php?page=showalam&ids=12002أبي ذر تحريم ادخار ما زاد على نفقة العيال ، وكان يفتي الناس بذلك ويحثهم عليه ويأمرهم به ويغلظ في خلافه ، فنهاه معاوية رضي الله تعالى عنه فلم ينته ، فخشي أن يضره الناس في هذا ، فكتب يشكوه إلى أمير المؤمنين عثمان وأن يأخذه إليه ، فاستقدمه عثمان رضي الله تعالى عنه إلى المدينة وأنزله بالربذة وحده وبها مات في خلافة عثمان رضي الله تعالى عنه .
قوله والذين يكنزون قال nindex.php?page=showalam&ids=13247ابن سيده : الكنز اسم للمال ولما يحرز فيه ، وجمعه كنوز ، كنزه يكنزه كنزا واكتنزه ، وكنز الشيء في الوعاء أو الأرض يكنزه كنزا غمزه في يده . وفي المغيث : الكنز اسم للمال المدفون ، وقيل : هو الذي لا يدرى من كنزه . وقالnindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري : هو كل شيء مجموع بعضه إلى بعض في بطن الأرض كان أو ظهرها . وقال nindex.php?page=showalam&ids=11963القرطبي : أصله الضم والجمع ، ولا يختص ذلك بالذهب والفضة ، ألا يرى إلى قوله صلى الله تعالى عليه وسلم " nindex.php?page=hadith&LINKID=673340ألا أخبركم بخير ما يكنزه المرء ؟ المرأة الصالحة " ; أي يضمه لنفسه ويجمعه .
واعلم أن الكنز [ ص: 249 ] المستحق عليه الوعيد كل مال لم تؤد زكاته ، وكل مال أديت زكاته فليس بكنز وإن كان تحت سبع أرضين ، رواه nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، وروى نحوه عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=36وجابر nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة موقوفا ومرفوعا . وعن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه : أي مال أديت زكاته فليس بكنز وإن كان مدفونا في الأرض ، وأي مال لم تؤد زكاته فهو كنز يكوى به صاحبه وإن كان على وجه الأرض . وقال nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري عن nindex.php?page=showalam&ids=11983أبي حصين عن nindex.php?page=showalam&ids=11870أبي الضحى عن جعدة بن هبيرة عن علي رضي الله تعالى عنه قال : أربعة آلاف فما دونها نفقة ، فما كان أكثر من ذلك فهو كنز . وهذا غريب ، وقيل : هو ما فضل من المال عن حاجة صاحبه إليه .
قوله ( الذهب والفضة ) ، سمي الذهب ذهبا لأنه يذهب ولا يبقى ، وسميت الفضة فضة لأنها تنفض أي تنصرف ، وحسبك دلالة على فنائهما .
قوله ( ولا ينفقونها ) ، قال nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : فإن قلت : لم قيل " ولا ينفقونها " وقد ذكر شيئان ؟ قلت : ذهابا بالضمير إلى المعنى دون اللفظ ; لأن كل واحد منهما جملة وافية وعدة كثيرة ودنانير ودراهم ، وقيل : ذهب به إلى الكنوز ، وقيل إلى الأموال . وقيل : معناه ولا ينفقونها والذهب . فإن قلت : لم خصا بالذكر من بين سائر الأموال ؟ قلت : لأنهما قانون التمول وأثمان الأشياء ، ولا يكنزهما إلا من فضلا عن حاجته .
قوله يوم يحمى عليها أي اذكر وقت تدخل النار فيوقد عليها ، يعني أن النار تحمى عليها ، فلما حذفت النار قيل " يحمى " لانتقال إسناد الفعل إلى " عليها " .
قوله فتكوى بها الكي إلصاق الحار من الحديد أو النار بالعضو حتى يحترق الجلد .
قوله جباههم جمع جبهة ، وهي ما بين الحاجبين إلى الناصية ، والجنوب جمع جنب ، والظهور جمع ظهر ، وخصت هذه المواضع دون غيرها من البدن لأنها مجوفة يصل الحر إليها بسرعة ، ويقال : لأن الغني إذا أقبل عليه الفقير قبض جبهته وزوى ما بين عينيه وطوى كشحه ، ولأن الكي في الوجه أبشع وأشهر وفي الظهر والجنب آلم وأوجع ، وقيل : إنما خص هذه المواضع ليقع ذلك على الجهات الأربع .
ويقال : إذا جاء الفقير إلى الغني يواجهه بوجهه فيولي عنه وجهه ويلتفت إلى جنبه ، ثم يدور الفقير فيجيء إلى ناحية جنبه ويلتفت الغني ويولي إلى ظهره ، فيجازى على هذا الوجه .
وذكر nindex.php?page=showalam&ids=17140مكي عن nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز وعراك بن مالك أن هذه الآية منسوخة بقوله تعالى : خذ من أموالهم صدقة وفي الاستذكار : روى nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري عن ابن أنعم عن عمارة بن راشد قرأ nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله تعالى عنه والذين يكنزون فقال : ما أراها إلا منسوخة بقوله : خذ من أموالهم
وقال nindex.php?page=showalam&ids=11970ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا حميد بن مالك ، حدثنا يحيى بن يعلى المحاربي ، حدثنا أبي ، حدثنا غيلان بن جامع المحاربي ، عن عثمان بن أبي اليقظان ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11937جعفر بن إياس ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=673340لما نزلت هذه الآية " والذين يكنزون الذهب والفضة " الآية كبر ذلك على المسلمين وقالوا : ما يستطيع أحد منا لولده مالا يبقى بعده ! فقال nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله تعالى عنه : أنا أفرج عنكم . فانطلق nindex.php?page=showalam&ids=2عمر واتبعه nindex.php?page=showalam&ids=99ثوبان ، فأتى النبي - صلى الله تعالى عليه وسلم - فقال : يا نبي الله ، إنه قد كبر على أصحابك هذه الآية ! فقال نبي الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم : إن الله لم يفرض الزكاة إلا ليطيب بها ما بقي من أموالكم ، وإنما فرض المواريث من أموال تبقى بعدكم . قال : فكبر nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله تعالى عنه ، ثم قال له النبي صلى الله تعالى عليه وسلم : ألا أخبرك بخير ما يكنز المرء ؟ المرأة الصالحة ; التي إذا نظر إليها سرته ، وإذا أمرها أطاعته ، وإذا غاب عنها حفظته . ورواه nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=13507وابن مردويه من حديث يعلى بن يعلى به ، وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم وقال : صحيح على شرطهما ولم يخرجاه . وقال أبو الحسن بن الحصار في كتابه الناسخ والمنسوخ : أراد من قال بالنسخ أن جمع المال كان محرما في أول الإسلام ، فلما فرضت الزكاة جاز جمعه . واستدل nindex.php?page=showalam&ids=11943أبو بكر الرازي من هذه الآية على إيجاب الزكاة في سائر الذهب والفضة مصوغا أو مضروبا أو تبرا أو غير ذلك لعموم اللفظ . قال : ويدل عليه أيضا على ضم الذهب إلى الفضة لإيجابه الحق فيهما مجموعين فيدخل تحته الحلي أيضا وهو قول أصحابنا ، قال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة بضم القيمة كالعروض وعندهما بالأجزاء .