أي هذا باب في بيان قول من لم ير الوضوء إلا من المخرجين وهو تثنية مخرج بفتح الميم، وبين ذلك بطريق عطف البيان بقوله: "القبل والدبر " ويجوز أن يكون جرهما بطريق البدل والقبل يتناول الذكر والفرج، وقال الكرماني : فإن قلت : للوضوء أسباب أخر مثل النوم وغيره، فكيف حصر عليهما؟ قلت: الحصر إنما هو بالنظر إلى اعتقاد الخصم إذ هو رد لما اعتقده، والاستثناء مفرغ فمعناه من لم ير الوضوء من مخرج من مخارج البدن إلا من هذين المخرجين، وهو رد لمن رأى أن الخارج من البدن بالفصد مثلا ناقض الوضوء، فكأنه قال: من لم ير الوضوء إلا من المخرجين لا من مخرج آخر كالفصد كما هو اعتقاد nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي قلت: فيه مناقشة من وجوه: الأول أنه جعل مثل النوم سببا للوضوء، وليس كذلك لأن [ ص: 47 ] النوم ونحوه سبب لانتقاض الوضوء لا للوضوء، والذي يكون سببا لنفي شيء كيف يكون سببا لإثباته.
الثاني: قوله بالنظر إلى اعتقاد الخصم ليس كذلك، وإنما هو حصر بالنظر إلى اعتقاد خصم الخصم، والخصم لا يدعي الحصر على المخرجين.
الثالث: أن قوله فمعناه من لم ير الوضوء من مخرج إلى آخره يرده حكم من طعن في سرته، وخرج البول والعذرة تنتقض الطهارة عند الخصم أيضا، فعلمنا من هذا أن حكم الخارج من القبل والدبر وغيرهما سواء في الحكم فلا يتفاوت.
ثم المناسبة بين البابين أن الباب السابق في نفي النجاسة عن شعر الإنسان وعن سؤر الكلب، وفي هذا الباب نفي انتقاض الوضوء من الخارج من غير المخرجين وأدنى المناسبة كافية.