[ ص: 462 ] وقال بعض اللغويين : الاعتمار والعمرة القصد ، قال :
لقد سما ابن معمر حين اعتمر ... ... ...
أي حين قصد ، وهي في عرف الشرع زيارة البيت على أحكام مخصوصة .
وقد اختلف في حكمها ; فذهب جماعة من السلف على وجوبها ، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري nindex.php?page=showalam&ids=13055وابن حبيب وابن الجهم من أصحابنا ، وحكي عن nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة . وذهب آخرون إلى أنها ليست بواجبة ، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ومشهور قول nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة وأصحابه وداود . واختلفت الرواية فيها عن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد وإسحاق nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبي ثور ، إلا أن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالكا قال : إنها سنة مؤكدة . وبعض هؤلاء يجعلها مستحبة . ومتمسك من قال بوجوبها قوله تعالى : وأتموا الحج والعمرة لله [البقرة: 196] وليس فيه حجة ; لأنا نقول بموجبه : فإن من شرع في شيء من أعمال الطاعات وجب عليه إتمامه، وإن كان مستحبا - وقد تقدم هذا المعنى غير ما مرة .
وقوله " العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما " ; يعني : لما يقع بينهما من السيئات . وقد استوفينا هذا المعنى في كتاب الطهارة ، وقد استدل بظاهر هذا من قال بجواز تكرار العمرة في السنة الواحدة وهم الجمهور وأكثر أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، وذهب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك إلى كراهية ذلك ، ومتمسكه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اعتمر خمس عمر كل عمرة منها في سنة غير الأخرى ، مع تمكنه من التكرار في السنة الواحدة ، ولم يفعل .
[ ص: 463 ] وأيضا : فإنها نسك مشتمل على إحرام وطواف وسعي ، فلا يفعل في السنة إلا مرة ، أصله الحج . وعلى قول nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : لو أحرم بالعمرة المكررة لزمته . وقال آخرون : لا يعتمر في شهر أكثر من مرة واحدة - ولا حجة له في شيء مما تقدم .
وقوله " والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة " ، المبرور : اسم مفعول من بر ، مبني لما لم يسم فاعله ، فهو مبرور .
و (بر) : يتعدى بنفسه . يقال : بر الله حجك . ويبنى لما لم يسم فاعله ، فيقال : بر حجك ، فهو مبرور . ولا معنى لقول من قال : إنه لا يتعدى إلا بحرف الجر . واختلف في معنى المبرور ، فقيل : الذي لا يخالطه شيء من المأثم . وقيل : المتقبل . وقيل : الذي لا رياء فيه ولا سمعة .
قلت : وهذه الأقوال كلها متقاربة المعنى . وهو : أنه الحج الذي وفيت أحكامه ووقع موافقا لما طلب من المكلف على الوجه الأكمل ، والله تعالى أعلم .
وقوله " ليس له جزاء إلا الجنة " ; يعني أنه لا يقتصر فيه على مغفرة بعض الذنوب ، بل لا بد لصاحبه من الجنة بسببه ، والله تعالى أعلم .