( و ) أما ( المجتهد في مذهب إمامه ) فهو ( العارف بمداركه ) أي مدارك مذهب إمامه
[ ص: 605 ] ( القادر على تقرير قواعده ، و ) على ( الجمع والفرق ) بين مسائله ، قال
ابن حمدان : وأما
المجتهد في مذهب إمامه : فنظره في بعض نصوص إمامه وتقريرها ، والتصرف فيها ، كاجتهاد إمامه في نصوص الكتاب والسنة . انتهى . ثم اعلم أن له أربع حالات الأولى : أن يكون غير مقلد لإمامه في الحكم والدليل ، لكن سلك طريقه في الاجتهاد والفتوى . ودعا إلى مذهبه ، وقرأ كثيرا منه على أهله ، فوجده صوابا ، وأولى من غيره ، وأشد موافقة فيه وفي طريقه الثانية : أن يكون مجتهدا في مذهب إمامه ، مستقلا بتقريره بالدليل ، لكن لا يتعدى أصوله وقواعده مع إتقانه للفقه وأصوله ، وأدلة مسائل الفقه ، عارفا بالقياس ونحوه ، تام الرياضة ، قادرا على التخريج والاستنباط ، وإلحاق الفروع والأصول والقواعد التي لإمامه .
الحالة الثالثة : أن لا يبلغ رتبة أئمة المذهب أصحاب الوجوه والطرق ، غير أنه فقيه النفس ، حافظ لمذهب إمامه ، عارف بأدلته ، قائم بتقريره ونصرته ، يصور ويحرر ويمهد ويقرر ، ويزيف ويرجح لكنه قصر عن درجة أولئك ، إما لكونه لا يبلغ في حفظ المذهب مبلغهم ، وإما لكونه غير متبحر في أصول الفقه ونحوه ، غير أنه لا يخلو مثله في ضمن ما يحفظه من الفقه ويعرفه من أدلته عن أطراف من قواعد أصول الفقه ونحوه ، وإما لكونه مقصرا في غير ذلك من العلوم التي هي أدوات الاجتهاد ، الحاصل لأصحاب الوجوه والطرق . الحالة الرابعة : أن يقوم بحفظ المذهب ونقله وفهمه ، فهذا يعتمد نقله وفتواه به فيما يحكيه من مسطورات مذهبه ومن منصوصات إمامه ، أو تفريعات أصحابه المجتهدين في مذهبه وتخريجاتهم .
وما لم يجده منقولا في مذهبه : فإن وجد في المنقول ما هو في معناه ، بحيث يدرك من غير فضل فكر وتأمل : أنه لا فارق بينهما ، كما في الأمة بالنسبة إلى العبد المنصوص عليه في إعتاق الشريك : جاز له إلحاقه به والفتوى به ، وكذا ما يعلم اندراجه تحت ضابط منقول ممهد في المذهب ، وما لم يكن كذلك ، فعليه الإمساك عن الفتيا به ، ويكفي أن يستحضر أكثر المذهب ، مع قدرته على مطالعة بقيته . انتهت الحالات ملخصة ، من كتاب " آداب المفتي "
لابن حمدان .