[ شروط الواقفين ]
وكذلك الإثم مرفوع عمن أبطل من شروط الواقفين ما لم يكن إصلاحا ، وما كان فيه جنف أو إثم ، ولا يحل لأحد أن يجعل هذا الشرط الباطل المخالف لكتاب الله بمنزلة نص الشارع ، ولم يقل هذا أحد من أئمة الإسلام ، بل قد قال إمام الأنبياء صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=28763كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط ، كتاب الله أحق ، وشرط الله أوثق } فإنما ينفذ من
شروط الواقفين ما كان لله طاعة ، وللمكلف مصلحة ، وأما ما كان بضد ذلك لا حرمة له كشرط التعزب والترهب المضاد لشرع الله ودينه ; فإنه تعالى فتح للأمة باب النكاح بكل طريق ، وسد عنهم باب السفاح بكل طريق ، وهذا الشرط باطل لذلك ; فإنه يسد على من التزمه باب النكاح ، ويفتح له باب الفجور ، فإن لوازم البشرية تتقاضاها الطباع أتم تقاض ، فإذا سد عنها مشروعها فتحت له ممنوعها ولا بد .
والمقصود أن الله تعالى رفع الإثم عمن أبطل الوصية الجانفة الآثمة ، وكذلك هو مرفوع عمن أبطل شروط الواقفين التي هي كذلك ، فإذا شرط الواقف القراءة على القبر كانت القراءة في المسجد أولى وأحب إلى الله ورسوله وأنفع للميت ، فلا يجوز تعطيل الأحب إلى الله ، الأنفع لعبده واعتبار ضده ، وقد رام بعضهم الانفصال عن هذا بأنه قد يكون قصد الواقف حصول الأجر له باستماعه للقرآن في قبره ، وهذا غلط ; فإن ثواب الاستماع مشروط بالحياة فإنه عمل اختياري وقد انقطع بموته ، ومن ذلك اشتراطه أن يصلي الصلوات الخمس في المسجد الذي بناه على قبره ، فإنه شرط باطل لا يجب بل لا يحل الوفاء به ، وصلاته في المسجد الذي لم يوضع على قبره أحب إلى الله ورسوله ، فكيف يفتي أو يقضي بتعطيل الأحب إلى الله والقيام بالأكره إليه اتباعا لشرط الواقف الجانف الآثم ؟ ومن ذلك أن يشرط عليه إيقاد قنديل على قبره أو بناء مسجد عليه ; فإنه لا يحل تنفيذ هذا الشرط ولا العمل به ، فكيف ينقله شرط لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعله ؟ .