[ خوف زوج الأمة من رق أولاده ]
المثال الرابع والسبعون : إذا
خاف العنت ، ولم يجد طول حرة وكره رق أولاده ، فالحيلة في عتقهم أن يشترط على السيد أن ما ولدته زوجته منه من الولد فهم أحرار ، فكل ولد تلده بعد ذلك منه فهو حر ، ويصح تعليق العتق بالولادة لو
قال لأمته : كل ولد تلدينه فهو حر ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر : ولا أحفظ فيه خلافا .
[ ص: 9 ] فإن قيل : فهل تجوزون نكاح الأمة بدون الشرطين إذا أمن رق ولده بهذا التعليق ؟ قيل : هذا محل اجتهاد ، ولا تأباه أصول الشريعة ، وليس فيه إلا أن الولد يثبت عليه الولاء للسيد ، وهو شعبة من الرق ، ومثل هذا هل ينتهض سببا ; لتحريم نكاح الأمة ؟ أو يقال - وهو أظهر - : إن الله تعالى منع من نكاح الإماء ; لأنهن في الغالب لا يحجبن حجب الحرائر ، وهن في مهنة ساداتهن وحوائجهن ، وهن برزات لا مخدرات ؟ ، وهذه كانت عادة
العرب في إمائهن ، وإلى اليوم ، فصان الله تعالى الأزواج أن تكون زوجاتهم بهذه المثابة ، مع ما يتبع ذلك من رق الولد ، وأباحه لهم عند الضرورة إليه كما أباح الميتة والدم ، ولحم الخنزير عند المخمصة ، وكل هذا منع منه تعالى كنكاح غير المحصنة ، ولهذا شرط تعالى في نكاحهن أن يكن محصنات غير مسافحات ، ولا متخذات أخدان ، أي : غير زانية مع من كان ، ولا زانية مع خدينها وعشيقها دون غيره ، فلم يبح لهم نكاح الإماء إلا بأربعة شروط : عدم الطول ، وخوف العنت ، وإذن سيدها ، وأن تكون عفيفة غير فاجرة فجورا عاما ، ولا خاصا ، والله أعلم .
المثال الخامس والسبعون : إذا
لم تمكنه أمته من نفسها حتى يعتقها ويتزوجها ، وهو لا يريد إخراجها عن ملكه ، ولا تصبر نفسه عنها ; فالحيلة أن يبيعها أو يهبها لمن يثق به ، ويشهد عليه من حيث لا تعلم هي ، والبيع أجود ; لأنه لا يحتاج إلى قبض ، ثم يعتقها ، ثم يتزوجها ، فإذا فعل استردها من المشتري من حيث لا تعلم الجارية ، فانفسخ النكاح ، فيطؤها بملك اليمين ، ولا عدة عليها .
[ الحيلة في الخلاص من بيع جاريته ]
المثال السادس والسبعون : إذا
أراده من لا يملك رده على بيع جاريته منه فالحيلة في خلاصه أن يفعل ما ذكرناه سواء ، ويشهد على عتقها أو نكاحها ، ثم يستقيله البيع ، فيطؤها بملك اليمين في الباطن ، وهي زوجته في الظاهر ، ويجوز هذا ; لأنه يدفع به عن نفسه ، ولا يسقط به حق ذي حق ، وإن شاء احتال بحيلة أخرى ، وهي إقراره بأنها وضعت منه ما يتبين به خلق الإنسان فصارت بذلك أم ولد لا يمكن نقل الملك فيها ، فإن أحب دفع التهمة عنه ، وأنه قصد بذلك التحيل فليبعها لمن يثق به ، ثم يواطئ المشتري على أن يدعي عليه أنها وضعت في ملكه ما فيه صورة إنسان .
ويقر بذلك فينفسخ البيع ، ويكتب بذلك محضرا فإنه يمتنع بيعها بعد ذلك .
[ ص: 10 ]
المثال السابع والسبعون : إذا
أراد أن يبيع الجارية من رجل بعينه ، ولم تطب نفسه بأن تكون عند غيره ، فله في ذلك أنواع من الحيل :
إحداها : أن يشترط عليه أنه إن باعها فهو أحق بها بالثمن ، كما اشترطت ذلك
امرأة عبد الله بن مسعود عليه ، ، ونص الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد على جواز
البيع والشرط في رواية
علي بن سعيد ، وهو الصحيح ، فإن لم تتم له هذه الحيلة ; لعدم من ينفذها له فليشترط عليه أنك إن بعتها لغيري فهي حرة ، ويصح هذا الشرط ، وتعتق عليه إن باعها لغيره ، إما بمجرد الإيجاب عند صاحب المغني وغيره ، وإما بالقبول فيقع العتق عقيبه ، وينفسخ البيع عند صاحب المحرر ، وهذه طريقة
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي .
قال في كتاب إبطال الحيل : إذا قال : " إن بعتك هذا العبد فهو حر " ، وقال المشتري : " إن اشتريته فهو حر " فباعه عتق على البائع ; لأنه ليس له عند دخوله في ملك الآخر حال استقرار حتى يعتق عليه بنيته التابعة ; لأن خيار المجلس ثابت للبائع ، فملك المشتري غير مستقر ، وقول صاحب المحرر : " وانفسخ البيع " تقرير لهذه الطريقة ، وأنه إنما يعتق بالقبول ، ويعتق في مدة الخيار على أحد الوجوه الثلاثة ; فإن لم تتم له هذه الحيلة عند من لا يصحح هذا التعليق ، ويقول إذا اشتراها ملكها ، ولا تعتق بالشرط في ملك الغير كما يقوله
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة فله حيلة أخرى ، وهي أن يقول : إذا بعتها فهي حرة قبل البيع ، فيصح هذا التعليق ، فإذا باعها حكمنا بوقوع العتق قبل البيع على أحد الوجهين في مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد رضي الله عنهما فإذا لم تتم له هذه الحيلة عند من لا يصحح هذا التعليق فله حيلة أخرى ، وهي أن يقول : إذا اشتريتها فهي مدبرة ، فيصح هذا التعليق ، ويمتنع بيعها عند
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ، فإن التدبير عنده جار مجرى العتق المعلق بصفة ، فإذا اشتراها صارت مدبرة ، ولم يمكنه بيعها عنده .
فإن لم تتم له هذه الحيلة على قول من لا يجوز تعليق التدبير بصفة فالحيلة أن يأخذ البائع قرار المشتري بأنه دبر هذه الجارية بعد ما اشتراها ، وأنه جعلها حرة بعد موته ، فإن لم تتم له هذه الحيلة على قول من يجوز بيع المدبر - وهو الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ، ومن قال بقوله - فالحيلة أن يشهد عليه قبل أن يبيعها منه أنه كان قد تزوجها من سيدها تزويجا صحيحا ، وأنها ولدت منه ولدا ثم اشتراها بعد ذلك فصارت أم ولده ، فلا يمكنه بيعها .
فإن لم تتم له هذه الحيلة على قول من يعتبر في كونها أم ولد أن تحمل وتضع في ملكه ، ولا يكفي أن تلد منه في غير ملكه - كما هو ظاهر مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي - فقد ضاقت عليه وجوه الحيل ، ولم يبق له إلا حيلة واحدة ، وهي أن يتراضى سيد الجارية والمشتري برجل ثقة عدل بينهما فيبيعها هذا العدل بطريق الوكالة عن سيدها بزيادة على ثمنها الذي اتفقا عليه ، ويزيد ما شاء ، ويقبض منه الثمن الذي اتفقا عليه ، فإن أراد المشتري بيعها طالبه بباقي الثمن الذي أظهره ، ولو لم يدخلا بينهما ثالثا بل
[ ص: 11 ] اتفقا على ذلك فقال : " أبيعكها بمائة دينار ، وآخذ منك أربعين ، فإن بعتها طالبتك بباقي الثمن ، وإن لم تبعها لم أطالبك " جاز ، لكن في توسط العدل الذي يثق به المشتري كأبيه وصاحبه تطييب لقلبه ، وأمان له من مطالبة البائع له بالثمن الكثير .