ومنها : منع 
الإمام الرازي  من 
التعليل بمجرد الاسم ، كما لو عللنا كون النقدين ربويين بكون اسمهما ذهبا أو فضة وحكى فيه الاتفاق ، واعترض 
النقشواني  بأن العلة إذا فسرت بالمعرف ، فما المانع من جعل الاسم علة ؟ فإن فيه تعريفا ، وقواه 
القرافي  بما إذا قلنا : إن مجرد الطرد كاف في العلة ، ويصعب مع اشتراط المناسب . وما ادعى 
الإمام  فيه من الاتفاق تبعه فيه 
الهندي  في النهاية . 
وليس كما ادعوا ، ففي المسألة مذاهب ، وهي وجوه لأصحابنا : 
أحدها : الجواز مطلقا وهو رأي 
 nindex.php?page=showalam&ids=11815الشيخ أبي إسحاق الشيرازي  ، ونقله 
ابن الصباغ  وابن برهان  عن أصحابنا ، ونقله 
سليم الرازي  في التقريب عن الأكثرين من العلماء قالوا : وسواء في ذلك المشتق كقاتل وسارق ، والاسم الذي هو لقب كحمار وفرس ، قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي  رحمه الله تعالى ، في بول ما يؤكل لحمه : لأنه بول فشابه بول الآدمي ( انتهى ) وقال 
أبو الحسن السهيلي    : إنه الأقرب إلى نص 
 nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي  وقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=16392الأستاذ أبو منصور    : إنه قول أكثر القائسين . وكذلك قال أصحابنا : لا يجوز بيع الكلب لأنه كلب ، قياسا على الكلب الذي ليس بمعلم . وقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي    : في المنع من ضم القطنية بعضها إلى بعض في الزكوات : إنها حبوب منفردة بأسماء مخصوصة . وقاسها على التمر والزبيب ، فإذا جعل افتراقها في الاسم علة  
[ ص: 207 ] لافتراقها في الحكم لم يمتنع أن يكون اتفاقها في الاسم علة ، لاتفاقها في الحكم ، وقال أهل الرأي في المنع من التكرار في مسح الرأس : إنه مسح كالمسح على الخفين . وقال أصحاب 
 nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك  في زكاة العوامل : إنها تعم قياسا على السائمة ( انتهى ) ونقله 
الباجي  عن أكثر المالكية . 
و ( الثاني ) المنع لقبا ومشتقا . و ( الثالث ) التفصيل بين المشتق فيجوز ، وبين اللقب فلا ، حكاهما 
 nindex.php?page=showalam&ids=11815الشيخ أبو إسحاق  في التبصرة 
وابن الصباغ  في العدة 
وسليم الرازي  في التقريب . وهذا الثالث هو ظاهر قول أصحابنا في باب الربا في أن العلة في الربوي الطعم : الحكم متى علق باسم مشتق من معنى يصير موضع الاشتقاق علة . وحكى 
ابن برهان  وجها أنه إنما يكون بشرط الإخالة والمناسبة ، ونسبه للحنفية . وهذا يقتضي ( مذهبا رابعا ) وهو التفصيل في المشتق . ونحوه قول 
القاضي عبد الوهاب  في الملخص " : إن 
كان الاسم يفيد معنى في المسمى جاز التعليل به ، وإن كان لقبا ففي جواز التعليل به قولان . وقال 
السهيلي  في أدب الجدل : إن كان الوصف اسما مشتقا فلا شك في جريان القياس به ، وإن كان اسم جنس ، كبغل وحمار ودابة ودار ، ففيه وجهان ( أحدهما ) وهو الأقرب إلى نص 
 nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي  الجواز . و ( الثاني ) المنع كالوصف من اسم ولقب كزيد وعمرو . وفي الأم : في بول الحيوان تعليق حكم باسم ( قال ) : والدليل على جواز التعليل أنه لو ورد الشرع به لكان جائزا ، فإذا استنبطه المعلل فكذلك ( انتهى ) وهذا يقتضي تخصيص الخلاف بالعلة المستنبطة . أما المنصوصة من الشارع فلا خلاف في جوازها ، وبه صرح 
ابن برهان  في الوجيز . وقال 
الماوردي  في بيوع الحاوي : يصح 
التعليل بالاسم المشتق ، كعاقل وقاتل ووارث ، وبالاسم إذا عبر به عن الجنس ، كما جاز التعليل بالصفة ، فيجوز أن تقول في نجاسة بول ما يؤكل لحمه : لأنه بول فوجب أن يكون نجسا قياسا على بول الآدمي .  
[ ص: 208 ] وقال في القواطع : وأما 
جعل الاسم علة للحكم فقد قال الأصحاب : إن الاسم ضربان : اسم اشتقاق ، واسم لقب . فأما المشتق فضربان : 
( أحدهما ) ما اشتق من فعل كالضارب والقاتل ، اشتق من الضرب والقتل ، فيجوز جعله علة في قياس المعنى ، لأن الأفعال يجوز أن تكون عللا للأحكام . 
و ( ثانيهما ) ما اشتق من صفة كالأبيض والأسود ، مشتق من السواد والبياض ، فهذا من باب الشبه الصوري . فمن جعله حجة جوز التعليل . وقد قال عليه السلام : { 
nindex.php?page=hadith&LINKID=23905فاقتلوا منها كل أسود بهيم   } فجعل السواد علة لإباحة القتل ، فأما اللقب فضربان : 
( أحدهما ) مستعار كزيد وعمرو فلا يدخله حقيقة ولا مجاز ، لأنه قد ينقل اسم زيد إلى عمرو وعمرو إلى زيد ، فلا يجوز التعليل بهذا الاسم لعدم لزومه وجواز انتقاله . و ( ثانيهما ) لازم كالرجل والمرأة والبعير والفرس . وقد حكى الأصحاب في جواز التعليل بها وجهين والصحيح عندي امتناع التعليل بالأسامي مطلقا ، لأنها تشبه الطرد . وأما الأسامي المشتقة فالتعليل بموضع الاشتقاق لا بنفس الاسم ( انتهى ) وهو تفصيل لا مزيد على حسنه . فإن قلت : فهل 
للإمام  سلف في دعواه الاتفاق ؟ 
قلت    : رأيت في كتاب 
الأستاذ أبي إسحاق الإسفراييني  ما نصه : اتفقوا على فساد العلة إذا اقتصرت بها على الاسم ، وإن كان بعضهم إذا ضاق عليه الأمر تعلق به ،  
[ ص: 209 ] كالرجل يسأل عن بيع الكلب فيقال : لأنه كلب قياسا على ما لا نفع فيه ، أو على القصور ، وليس ذلك خلافا بعد . هذا لفظه مع أنه قبل ذلك بقليل حكى وجهين في التعليل بالاسم . فإن قلت : فما تحمل كلام 
الإمام  ، على المشتق أو اللقب ؟ 
قلت    : أحمله على اللقب ، لأنه نص في غير موضع أنه إذا علق الحكم بالاسم المشتق كان معللا بما منه الاشتقاق ، فتعين أن يكون هنا مراده الاسم الذي ليس بمشتق . نعم الخلاف جار وإن لم يكن مشتقا .