تنبيه : قد يستشكل محل الخلاف فإنه إن كان عند الحاجة للزيادة فلا وجه للمنع ، أو عند عدم الحاجة فلا وجه للتجويز ، ويمكن أن يجعل هذا موضع الخلاف وقد علل في الجديد الربا في الأربعة بكونها مطعومة من جنس واحد ، وأضاف في القديم إلى ذلك الكيل والوزن ، وزيفه الشافعي في تعليقه بأن القاضي أبو الطيب لم يجز أن يضاف إليهما وصف ثالث ، لأن الوصف في العلة إنما يذكر للحاجة إليه ، فإذا استغنى عنه كان ذكره لغوا . وكذلك قال العلة إذا استقلت بوصفين [ ص: 214 ] في شرح التلخيص إذا تقابلت العلتان وإحداهما أكثر أوصافا من الأخرى فالقليلة أولى بإجماع النظار وأهل الأصول ( قال ) ولو جاز أن يزيد الواحد وصفا بعد استقامة العلة والاستغناء عنه لجاز أن يزيد خمسة أوصاف وعشرة ، ولا فائدة فيها ، لأن العلة كلما زادت أوصافها ضعفت ، وكلما قلت قويت ، لأن الحاجة إلى كثرة الأوصاف لبعد الفرع عنه ، وقلة الأوصاف لقربه منه ، وهو بمنزلة من قربت قرابته ومن بعد ، لما كان ابن العم لا يدلي إلى الميت إلا بجماعة توسطوا بينه وبين الميت ، ولم يكن بمنزلة الابن والأب اللذين يدليان إليه بأنفسهما . الشيخ أبو علي السنجي
وأيضا لأن الأوصاف كلما كثرت في العلة قلت الفروع ، ألا ترى من ضم وصف الكيل والوزن إلى الطعم أسقط الربا عن المطعومات التي لا تكال ولا توزن ، كالبطيخ والقثاء والتين والجوز وغيرها ، فكان كاجتماع المتعدية مع القاصرة ، ثم أشار الشيخ إلى أن من الأصحاب من جعل العلة على الجديد مركبة من الجنس والطعم ( قال ) : والصحيح أنها بسيطة وهي الطعم وأما الجنس فحمل الحكم لا أثر له في تعلق الحكم كما أن الشدة محل لتحريم الخمر وليست الخمر علة لوجود الشدة في غير الخمر . وقال الهندي بعد حكاية الخلاف : اعلم أنه لا سبيل إلى إنكار جواز كون الماهية المركبة علة ، فإن استقرار الشرع يدل على وجوب وقوعه ، فإن كون القصاص واجبا في القتل العمد العدوان وحده ، وكذلك كون الربا جاريا في المطعوم بجنسه لا يمكن أن يجعل أحد الوصفين علة مستقلة لذلك ، بل مجموع الوصفين ، أو أحدهما بشرط الآخر ، وفي الجملة أن أكثر أحكام الشرع غير ثابت على إطلاقها بل بعقود معتبرة فيها ، واستنباط العلة البسيطة من مثل هذه الأحكام غير ممكن ، فيلزم المصير إلى كون تلك الأحكام تعبدية ، وهو على خلاف الأصل ، أو تجويز استخراج العلة المركبة وهو المطلوب . [ ص: 215 ]
فائدة
قلت معلولاتها ، وإذا قلت كثرت . ذكره بعض تلامذة العلة إذا كثرت أوصافها إلكيا . ونظيره أن الزيادة في الحد نقصان في المحدود والنقصان فيه زيادة في المحدود .