السادس عشر :
سؤال التعدية وأدرجه
الهندي في سؤال المعارضة في الأصل ، وهي أن يعين المعترض
[ ص: 428 ] في الأصل معنى غير ما عينه ، ويعارض به ، ثم يقول للمستدل : ما عللت به وإن تعدى إلى الفرع المختلف فيه ، فكذا ما عللت به يتعدى إلى فرع آخر مختلف فيه وليس أحدهما أولى من الآخر . كقولنا : بكر فجاز إجبارها كالصغيرة . فيقال : والبكارة وإن تعدت للبكر البالغ فالصغر متعد إلى الثيب الصغيرة . وهذا أيضا اختلف فيه ، والحق أنه لا يخرج عن سؤال المعارضة في الأصل مع زيادة التسوية في التعدية . وجوابه إبطال ما عارض به ، وحذفه عن درجة الاعتبار ، وهل على المستدل أن يبين أنه لا أثر لما أشار إليه المعترض من التسوية في التعدية أو لا يجب ؟
قال الأكثرون : لا يجب . وقال
أبو القاسم الداركي رحمه الله : بل للتسوية في التعدية أثر في المعارضة فلا بد من التعرض لإبطاله . ولخص
الإبياري شارح " البرهان " سر التعدية فحمل الأمر إلى أن سرها التبري من عهدة النسبة إلى العناد بإيراد وصف لا يعتقد اعتباره ، فعداه المعترض إلى فروعه حتى يبين أنه يعتقد ذلك ويفرعه عليه . ( قال ) : وهذا أمر أجنبي عن غرض الجدل ، فإن الاعتناء به دفع لسوء الاعتقاد الذي يدفعه ظاهر الإسلام من غير حاجة خاصة بالجدل ، قال
ابن المنير : ولعمري إنه كما قال لو لم يكن لها سر سوى هذا ، وليس الأمر كذلك ، بل سرها عند واضعها أن المعترض إذا عارض معنى الأصل بمعنى أمكن أن يقول له المستدل : معناي أولى ، لأني قد حققت تعديته إلى الفرع ، وإنه يفيد حكما لولاه ما استفدناه . وغاية ما صنعت أنك أبديت معنى في الأصل ، فلعله
[ ص: 429 ] قاصر فلا يتعدى إلى فرع يتحقق به كونه مفيدا ، فيبين المعترض حينئذ أنه يساوي المستدل . فإن عدى معناه إلى فرع من فروعه تحقق كونه مفيدا متعديا . وحاصل الأمر طلب تساوي الانعدام بين المستدل والمعترض ، ودفع احتمال القصور الذي هو إما قادح إن بنينا على أن العلة قاصرة مردودة ، أو مرجوح إن بنينا على أنها مقبولة ولكن التعدية أولى .