تنبيه :
يلتحق بهذه القاعدة قاعدة
" تنزيل الاكتساب منزلة المال الحاضر " وفيها فروع : منها : في الفقر والمسكنة ، قطعوا بأن القادر على الكسب كواجد المال .
ومنها :
في سهم الغارمين ، هل ينزل الاكتساب منزلة المال ؟ فيه وجهان ، الأشبه : لا وفارق الفقير والمسكين بأن الحاجة تتجدد كل وقت ، والكسب يتجدد كذلك ، والغارم محتاج إلى وفاء دينه الآن ، وكسبه متوقع في المستقبل .
ومنها : المكاتب إذا كان كسوبا ، هل يعطى من الزكاة ؟ فيه وجهان . الأصح : نعم ، كالغارم .
ومنها : إذا حجر عليه بالفلس ، أنفق على من تلزمه نفقته من ماله إلى أن يقسم ، إلا أن يكون كسوبا .
[ ص: 181 ] ومنها
: إذا قسم ماله بين غرمائه وبقي عليه شيء وكان كسوبا ، لم يجب عليه الكسب لوفاء الدين .
قال
الفراوي : إلا أن يكون الدين لزمه بسبب هو عاص به ، كإتلاف مال إنسان عدوانا ، فإنه يجب عليه أن يكتسب لوفائه ; لأن التوبة منه واجبة ومن شروطها : إيصال الحق إلى مستحقه فيلزمه التوصل إليه ، حكاه عنه
ابن الصلاح في فوائد رحلته ومنها :
من له أصل وفرع ولا مال له ، هل يلزمه الاكتساب للإنفاق عليهما ؟ وجهان ، أحدهما : لا ، كما لا يجب لوفاء الدين ، والأصح : نعم ; لأنه يلزمه إحياء نفسه بالكسب ، فكذلك إحياء بعضه .
وفي التتمة : أن محل الخلاف بالنسبة إلى نفقة الأصول ، أما بالنسبة إلى نفقة الفروع فيجب الاكتساب قطعا ; لأن نفقة الأصول سبيلها سبيل المواساة ، فلا تكلف أن يكتسب ليصير من أهل المواساة ، ونفقة الفروع بسبب حصول الاستمتاع ، فألحقت بالنفقة الواجبة للاستمتاع وهي نفقة الزوجة .
قال
الرافعي : هذا ذهاب إلى القطع بوجوب الاكتساب لنفقة الزوجة ; وهو الظاهر لكن في كلام الإمام وغيره : أن فيها وجهين مرتبين على وجوب الاكتساب لنفقة القريب ، وهي أولى بالمنع ; لالتحاقها بالديون .
ومنها :
المتفق عليه من أصل وفرع لو كان قادرا على الاكتساب فهل يكلف به ، ولا تجب نفقته ؟ أقوال . أصحها : لا يكلفها الأصل ; لعظم حرمة الأبوة فتجب نفقته ، بخلاف الفرع .
والثاني : يكلفان ; لأن القادر على الكسب مستغن عن أن يحمل غيره كله .
والثالث : لا يكلفان ، وتجب نفقتهما إذ يقبح أن يكلف الإنسان قريبه الكسب مع اتساع ماله .
ومنها :
إذا كان الأب قادرا على كسب مهر حرة ، أو ثمن سرية لا يجب إعفافه . وينزل منزلة المال الحاضر . قاله
الشيخ أبو علي .
قال
الرافعي : وينبغي أن يجيء فيه الخلاف المذكور في النفقة .
ومنها :
لو أجر السفيه نفسه ، هل يبطل ، كبيعه شيئا من أمواله ؟ حكى
القاضي حسين العبادي فيه وجهين وفي الحاوي : إن آجر نفسه فيما هو مقصود من عمله ، مثل أن يكون صانعا ، وعمله مقصود في كسبه لم يصح ، ويتولى العقد عليه ، وإن كان غير مقصود ، مثل أن يؤجر نفسه في حج ، أو وكالة في عمل صح ; لأنه إذا جاز أن يتطوع عن غيره بعمله ، فأولى أن يجوز بعوض ، كما قالوا : يصح خلعه ; لأن له أن يطلق مجانا ، فبالعوض أولى انتهى .