المبحث الرابع: شرط القبض، وكيفيته
وفيه مطلبان:
المطلب الأول: شرط القبض
اختلف العلماء رحمهم الله تعالى في
اشتراط إذن الواهب في قبض العين الموهوبة على قولين:
القول الأول: أنه لا يشترط إذن الواهب في قبض العين الموهوبة. وهو قول المالكية، وابن حزم.
القول الثاني: أنه يشترط إذن الواهب لقبض الهبة.
فإن قبضها بغير إذنه لم تتم الهبة، ولم يصح القبض.
وهو مذهب
الحنفية، والشافعية، والحنابلة.
وأجاز
الحنفية قبضها بغير إذن صريح - استحسانا - إذا حصل ذلك في المجلس بحضرة الواهب، ولم ينهه عن ذلك لدلالة هذا على الإذن بالقبض الذي هو معنى الإيجاب في الهبة، والثابت لدلالة كالثابت نصا.
[ ص: 441 ] وبعد الافتراق من المجلس لا بد من الإذن.
وخالفهم
الشافعية والحنابلة في ذلك: "لأن التسليم غير مستحق على الواهب، فلا يصح التسليم إلا بإذنه، كما لو أخذ المشتري المبيع من البائع قبل تسليم ثمنه...".
وهو مقتضى القياس عند
الحنفية.
الأدلة:
دليل القول الأول:
خروج الموهوب من ملك الواهب، وصيرورته ملكا للموهوب له بالعقد له، كما تقدم الدليل على ذلك، وعلى ذلك لا يحتاج إلى إذن الواهب.
دليل القول الثاني:
أن الإذن بالقبض شرط لصحة القبض في باب البيع، فلو قبض المشتري المبيع من غير إذن البائع قبل نقد الثمن كان للبائع حق الاسترداد، فلأن يكون في الهبة أولى; لأن البيع يصح بدون القبض، والهبة لا صحة لها بدون القبض... ولأن القبض في باب الهبة يشبه القبول في باب البيع.
ونوقش: بالفرق بين البيع والهبة كما سبق.
[ ص: 442 ] الترجيح:
الراجح - والله أعلم - هو القول الأول; لما تقدم من الأدلة على ملكية الهبة بالعقد.
ما يترتب على اشتراط إذن الواهب في قبض الهبة:
يترتب على اشتراط إذن الواهب في قبض الهبة كما يلي:
1 - أن قبضها من غير إذن الواهب قبض فاسد لا يثبت به ملك الهبة.
2 - أن على القابض ضمان ما قبضه; لأنه لم يؤذن له في ذلك، وكيفية هذا الضمان كضمان المقبوض بعقد فاسد.