وقال النووي : (باب في حديث الإفك ، وقبول توبة القاذف ) .
(حديث الباب )
وهو بصحيح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم \ النووي ، ص 102 - 114 ، ج17 ، المطبعة المصرية
قال الإمام nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم : (حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=15678حبان بن موسى ؛ أخبرنا nindex.php?page=showalam&ids=16418عبد الله بن المبارك ، أخبرنا يونس بن يزيد الأيلي . ح وحدثنا إسحق بن إبراهيم الحنظلي ، ومحمد بن رافع ، nindex.php?page=showalam&ids=16298وعبد بن حميد : -قال : ابن رافع : حدثنا . وقال الآخران : أخبرنا -عبد الرزاق ؛ أخبرنا nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر . [ ص: 728 ] والسياق : حديث nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر ، من رواية عبد وابن رافع .
[ ص: 732 ] فقام nindex.php?page=showalam&ids=228سعد بن عبادة -وهو سيد الخزرج- وكان رجلا صالحا ، ولكن اجتهلته الحمية ، فقال nindex.php?page=showalam&ids=307لسعد بن معاذ : كذبت ، لعمر الله ! لا تقتله ، ولا تقدر على قتله ، فقام nindex.php?page=showalam&ids=168أسيد بن حضير -وهو ابن عم nindex.php?page=showalam&ids=307سعد بن معاذ- ، فقال لسعد بن عبادة : كذبت ، لعمر الله ! لنقتلنه ، فإنك منافق ، تجادل عن المنافقين .
فثار الحيان «الأوس ، والخزرج » ، حتى هموا أن يقتتلوا ، ورسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، قائم على المنبر . فلم يزل رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، يخفضهم حتى سكتوا ، وسكت .
قالت : وبكيت -يومي ذلك- لا يرقأ لي دمع ، ولا أكتحل بنوم ، ثم بكيت -ليلتي المقبلة- لا يرقأ لي دمع ، ولا أكتحل بنوم ، وأبواي يظنان : أن البكاء فالق كبدي .
فبينما هما جالسان عندي -وأنا أبكي- ، استأذنت علي امرأة من الأنصار ، فأذنت لها ؛ فجلست تبكي .
قالت : فبينا نحن على ذلك : دخل علينا رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، فسلم ، ثم جلس .
قالت : ولم يجلس عندي ، منذ قيل لي ما قيل -وقد لبث شهرا ، لا يوحى إليه في شأني بشيء- .
قالت : فتشهد رسول الله ، صلى الله عليه وسلم -حين جلس- ثم قال : «أما بعد ! يا nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة ! فإنه قد بلغني عنك : كذا ، وكذا . فإن كنت بريئة : فسيبرئك الله . وإن كنت ألممت بذنب : فاستغفري الله ، وتوبي إليه ؛ فإن العبد ، إذا اعترف بذنب ، ثم تاب : تاب الله عليه » .
[ ص: 733 ] قالت : فلما قضى رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، مقالته : قلص دمعي ، حتى ما أحس منه قطرة ،
فقلت لأبي : أجب عني رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، فيما قال .
فقال : والله ! ما أدري : ما أقول لرسول الله ، صلى الله عليه وسلم .
فقلت لأمي : أجيبي عني رسول الله ، صلى الله عليه وسلم .
فقالت : والله ! ما أدري : ما أقول لرسول الله ، صلى الله عليه وسلم .
فقلت -وأنا جارية حديثة السن ، لا أقرأ كثيرا من القرآن- : إني والله ! لقد عرفت أنكم قد سمعتم بهذا ، حتى استقر في نفوسكم ، وصدقتم به ؛
فإن قلت لكم : إني بريئة (والله يعلم أني بريئة ) : لا تصدقوني بذلك .
قالت : وأنا -والله !- حينئذ ، أعلم أني بريئة ، وأن الله مبرئي ببراءتي . ولكن -والله !- ما كنت أظن أن ينزل -في شأني- وحي يتلى . ولشأني كان أحقر -في نفسي- من أن يتكلم الله عز وجل في : [ ص: 734 ] بأمر يتلى . ولكني كنت أرجو أن يرى رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، في النوم -رؤيا يبرئني الله بها .
قالت : فوالله ! ما رام رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : مجلسه ولا خرج من أهل البيت أحد ، حتى أنزل الله عز وجل ، على نبيه ، صلى الله عليه وسلم ، فأخذه : ما كان يأخذه ، من البرحاء -عند الوحي- حتى إنه ليتحدر منه : مثل الجمان ، من العرق ، في اليوم الشات -من ثقل القول الذي أنزل عليه- .
قالت : فلما سري عن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم -وهو يضحك- ، فكان أول كلمة تكلم بها ؛ أن قال : «أبشري يا nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة ! أما الله فقد برأك » .
فقالت لي أمي : قومي إليه . فقلت : والله ! لا أقوم إليه ، ولا أحمد إلا الله ، هو الذي أنزل براءتي .
قال nindex.php?page=showalam&ids=15678حبان بن موسى : قال nindex.php?page=showalam&ids=16418عبد الله بن المبارك : هذه أرجى آية في كتاب الله .
[ ص: 735 ] فقال أبو بكر : والله ! إني لأحب أن يغفر الله لي ؛ فرجع إلى nindex.php?page=showalam&ids=7927مسطح : النفقة ، التي كان ينفق عليه ، وقال : لا أنزعها منه أبدا .
قالت nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة : وكان رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، سأل nindex.php?page=showalam&ids=15953زينب بنت جحش (زوج النبي صلى الله عليه وسلم ) عن أمري : ما علمت ؟ أو ما رأيت ؟
فقالت : يا رسول الله ! أحمي سمعي ، وبصري . والله ! ما علمت إلا خيرا . قالت nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة : وهي التي كانت تساميني -من أزواج النبي ، صلى الله عليه وسلم- ، فعصمها الله بالورع . وطفقت أختها «حمنة بنت جحش » تحارب لها ، فهلكت -فيمن هلك- .
قال nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري : فهذا ما انتهى إلينا ، من أمر هؤلاء الرهط .
وقال -في حديث يونس- : احتملته الحمية ) .
(الشرح)
(عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري قال : أخبرني nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب ، nindex.php?page=showalam&ids=16561وعروة بن الزبير ، nindex.php?page=showalam&ids=16590وعلقمة بن وقاص ، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود ؛ عن حديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة ، رضي الله عنها - زوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم - عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، حين قال لها أهل الإفك ما قالوا ، فبرأها [ ص: 736 ] الله مما قالوا . وكلهم حدثني طائفة من حديثها ، وكان بعضهم أوعى لحديثها من بعض ، وأثبت اقتصاصا ) أي : أحفظ ، وأحسن : إيرادا ، وسردا للحديث .
(وقد وعيت عن كل واحد منهم : الحديث الذي حدثني . وبعض حديثهم يصدق بعضا ) . هذا الذي ذكره nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ، من جمعه الحديث عنهم : جائز لا منع منه ، ولا كراهة فيه ، لأنه قد بين بعض الحديث عن بعضهم ، وبعضه عن بعضهم . وهؤلاء الأربعة : أئمة حفاظ ثقات ، من أجل التابعين . فإذا ترددت اللفظة من هذا الحديث (بين كونها عن هذا ، أو ذاك ) : لم يضر ، وجاز الاحتجاج بها ، لأنهما ثقتان . وقد اتفق العلماء على أنه ، لو قال : حدثني زيد ، أو عمرو - وهما ثقتان ، معروفان بالثقة عند المخاطب - : جاز الاحتجاج به .
(ذكروا : أن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة - زوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم - قالت : كان رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم ، إذا أراد أن يخرج سفرا : أقرع بين نسائه ، فأيتهن خرج سهمها : خرج بها رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم معه ) .
قال النووي : هذا دليل nindex.php?page=showalam&ids=16867لمالك ، nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ، nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد ، وجماهير العلماء : في العمل بالقرعة : في القسم بين الزوجات ، وفي العتق ، [ ص: 737 ] والوصايا ، والقسمة ، ونحو ذلك . وقد جاءت فيها أحاديث كثيرة (في الصحيح ) مشهورة . قال أبو عبيد : عمل بها ثلاثة من الأنبياء «عليهم السلام » : يونس ، وزكريا ، ومحمد صلى الله عليه وآله وسلم .
قال nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر : استعمالها كالإجماع قال : ولا معنى لقول من ردها .
والمشهور عن nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة : إبطالها . وحكي عنه : إجازتها . قال nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر وغيره : القياس تركها ، لكن عملنا بها للآثار .
وفيه : القرعة بين النساء ، عند إرادة السفر ببعضهن . ولا يجوز : أخذ بعضهن بغير قرعة ، هذا مذهبنا . وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة ، وآخرون . وهو رواية عن مالك .
وعنه ؛ رواية : أن له السفر بمن شاء منه بلا قرعة ، لأنها قد تكون : أنفع له في طريقه ، والأخرى : أنفع له في بيته وماله ، انتهى كلام النووي .
وقد بسطت القول على مسألة القرعة ، في كتابي (الظفر اللاضي ) ورجحت العمل بها ، لورود السنة الصحيحة . وما لنا وللقياس ، وللتعليل : في مقابلة النص الثابت الصحيح ؟ ولا قول لأحد ولا رأي له : عند قول [ ص: 738 ] محمد ، صلى الله عليه وآله وسلم . ولعل من أنكرها : أنكر لعدم الاطلاع على الأحاديث الواردة في هذا الباب . ومن بلغه الحديث فيه - ثم جحدها ، أو عللها ، أو ترك القول بها- : فهو مأزور ، أي مأزور .
(قالت nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة : فأقرع بيننا في غزوة غزاها ، فخرج فيها سهمي ، فخرجت مع رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم . وذلك بعد ما أنزل الحجاب ، فأنا أحمل في هودجي ) بفتح الهاء : مركب من مراكب النساء (وأنزل فيه : مسيرنا ، حتى إذا فرغ رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم ، من غزوه وقفل ، ودنونا من المدينة : آذن ليلة ، بالرحيل ) روي بالمد وتخفيف الذال ، وبالقصر وتشديدها . أي : أعلم (فقمت - حين آذنوا بالرحيل - فمشيت ، حتى جاوزت الجيش . فلما قضيت من شأني : أقبلت إلى الرحل ، فلمست صدري ، فإذا عقدي - من جزع ظفار - قد انقطع ) .
أما «العقد » : فمعروف ، نحو القلادة .
«والجزع » بفتح الجيم وإسكان الزاي ، هو خرز يماني : في سواد وبياض ، كالعروق .
«وظفار » بفتح الظاء وكسر الراء ، هي مبنية على الكسر . تقول : هذه ظفار وإلى ظفار : بكسر الراء بلا تنوين ، في الأحوال كلها . وهي قرية في اليمن . قال التيفاشي : لا يتيمن بلبسه . ومن تقلده : كثرت همومه ، ورأى [ ص: 739 ] منامات رديئة . وإذا علق على طفل : سال لعابه . وإذا لف على شعر المطلقة : سهلت ولادتها .
(فرجعت فالتمست عقدي ، فحبسني ابتغاؤه . وأقبل الرهط الذين كانوا يرحلون لي ، فحملوا هودجي ، فرحلوه على بعيري ) هكذا وقع في أكثر النسخ «لي » باللام - وفي بعضها : «بي » بالباء - واللام أجود .
«ويرحلون » : بفتح الياء ، وإسكان الراء ، وفتح الحاء المخففة . أي : يجعلون الرحل على البعير . وهو معنى قولها : «فرحلوه » بالتخفيف .
«والرهط » : هم جماعة دون العشرة .
(الذي كنت أركب ، وهم يحسبون أني فيه . قالت : وكانت النساء - إذ ذاك - خفافا ، لم يهبلن ) ضبطوه على أوجه ؛ أشهرها : ضم الياء ، وفتح الهاء ، والباء مشددة . أي : يثقلن باللحم والشحم .
والثاني : بفتح الياء والباء ، وإسكان الهاء بينهما .
قال أهل اللغة : يقال : هبله اللحم ، وأهبله : إذا أثقله ، وكثر لحمه وشحمه .
[ ص: 740 ] وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : «لم يثقلن » وهو بمعناه . وهو أيضا المراد بقولها : (ولم يغشهن اللحم ، إنما يأكلن العلقة ) بضم العين . أي : القليل . ويقال لها أيضا : «البلغة ) (من الطعام ، فلم يستنكر القوم ثقل الهودج ، حين رحلوه ورفعوه . وكنت جارية حديثة السن ، فبعثوا الجمل وساروا ، ووجدت عقدي - بعد ما استمر الجيش - فجئت منازلهم ، وليس بها داع ولا مجيب ، فتيممت منزلي ) أي : قصدته (الذي كنت فيه . وظننت : أن القوم سيفقدونني ، فيرجعون إلي . فبينا أنا جالسة في منزلي : غلبتني عيني فنمت . وكان صفوان بن المعطل السلمي ) :
بفتح الطاء ، بلا خلاف . كذا ضبطه أبو هلال العسكري ، والقاضي في «المشارق » ، وآخرون .
(ثم الذكواني ) منسوب إلى «ذكوان بن ثعلبة » ، وكان صحابيا فاضلا .
(قد عرس من وراء الجيش) (التعريس » : النزول آخر الليل - في السفر - لنوم ، أو استراحة . وقال أبو زيد : هو النزول أي وقت كان .
والمشهور : الأول .
[ ص: 741 ] (فادلج ) بتشديد الدال ، وهو سير آخر الليل . . (فأصبح عند منزلي ، فرأى سواد إنسان ) أي شخص (نائم ، فأتاني فعرفني - حين رآني - وقد كان يراني قبل أن يضرب الحجاب علي ، فاستيقظت باسترجاعه ) أي : انتبهت من نومي ، بقوله : «إنا لله ، وإنا إليه راجعون » ، حين عرفني (فخمرت وجهي ) أي : غطيته (بجلبابي . ووالله ! ما تكلمني كلمة ، ولا سمعت منه كلمة : غير استرجاعه ، حتى أناخ راحلته ، فوطئ على يدها ، فركبتها ، فانطلق يقود بي الراحلة ، حتى أتينا الجيش ، بعد ما نزلوا موغرين ) .
«الموغر » بالغين المعجمة : النازل في وقت «الوغرة » : بفتح الواو ، وإسكان الغين . وهي شدة الحر ، كما فسرها في الكتاب - في آخر الحديث - وذكر هناك أن منهم من رواه : «موعرين » بالمهملة ، وهو ضعيف .
(في نحر الظهيرة ) حين بلغت الشمس منتهاها من الارتفاع ، وكأنها وصلت إلى النحر ، وهو «أعلى الصدر » ، أو أولها ، وهو وقت القائلة ، وشدة الحر .
[ ص: 742 ] (فهلك من هلك في شأني ، وكان الذي تولى كبره ) أي : معظمه . وهو بكسر الكاف ، على القراءة المشهورة . وقرئ - في الشواذ - بضمها ، وهي لغة .
( عبد الله بن أبي ابن سلول ) هكذا صوابه «ابن سلول » : برفع «ابن » وكتابته بالألف : صفة لعبد الله . وقد سبق بيانه بمرات .
(فقدمنا المدينة ، فاشتكيت - حين قدمنا المدينة - شهرا ، والناس يفيضون في قول أهل الإفك ) أي : يخوضون فيه .
«والإفك » : بكسر الهمزة ، وإسكان الفاء ، «هذا هو المشهور » . وحكى القاضي : فتحهما جميعا . قال : هما لغتان «كنجس ونجس » . وهو الكذب . . (ولا أشعر بشيء من ذلك ، وهو يريبني في وجعي : أني لا أعرف من رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم : اللطف الذي كنت أعرف منه ، حين أشتكي ) .
«يريبني » : بفتح أوله وضمه . يقال : «رابه ، وأرابه » : إذا أوهمه وشككه .
فانطلقت أنا وأم مسطح : وهي بنت أبي رهم ) بضم الراء وإسكان الهاء (بن المطلب بن عبد مناف . وأمها : بنت صخر بن عامر - خالة أبي بكر الصديق - وابنها : مسطح ) : هو لقب . واسمه : «عامر » . وقيل : «عوف » . كنيته : «أبو عباد » . وقيل : «أبو عبد الله » . توفي سنة «سبع وثلاثين » . وقيل : أربع وثلاثين . واسم أم مسطح : «سلمى » .
(بن أثاثة ) بهمزة مضمومة ، وثاء مكررة . (بن عباد بن المطلب . فأقبلت أنا وبنت أبي رهم : قبل بيتي ، حين فرغنا من شأننا ، فعثرت ) : بفتح الثاء (أم مسطح في مرطها ) : هو كساء من صوف ، وقد يكون من غيره . (فقالت : تعس مسطح ) .
«تعس » بفتح العين وكسرها - لغتان مشهورتان - . واقتصر الجوهري : على الفتح . والقاضي : على الكسر . ورجح بعضهم : الكسر ، وبعضهم : الفتح .
(فقلت لها : بئس ما قلت . أتسبين رجلا ، قد شهد بدرا ؟ قالت : أي هنتاه ! أولم تسمعي ما قال ؟ ) .
«هنتاه » : بإسكان النون وفتحها ، والإسكان : أشهر . قال صاحب (نهاية الغريب ) : وتضم الهاء الأخيرة ، وتسكن . ويقال - في التثنية - : «هنتان » ، وفي الجمع : «هنات ، وهنوات » . وفي المذكر : «هن ، وهنان ، وهنون » . ولك أن تلحقها الهاء لبيان الحركة ، فتقول : «يا هنه ! » ، وأن تشبع حركة النون فتصير ألفا ، فتقول : «يا هناه » . ولك ضم الهاء ، فتقول : «يا هناه ! أقبل » .
قالوا : وهذه اللفظة «تختص بالنداء » . ومعناها : «يا هذه ! » . وقيل : «يا امرأة » . وقيل : «يا بلهاء ! » كأنها نسبت إلى قلة المعرفة : بمكائد الناس وشرورهم .
ومن المذكر ؛ حديث الصبي بن معبد ؛ قلت : «يا هناه ! إني حريص على الجهاد » . والله أعلم .
(قلت : وماذا قال ؟ قالت : فأخبرتني بقول أهل الإفك ، فازددت مرضا إلى مرضي .
[ ص: 746 ] فلما رجعت إلى بيتي ، فدخل علي رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم ، فسلم ثم قال : «كيف تيكم ؟ » قلت : أتأذن لي أن آتي أبوي ؟ - قالت : وأنا حينئذ أريد أن أتيقن الخبر من قبلهما - فأذن لي رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم ، فجئت أبوي ، فقلت لأمي : يا أمتاه ! ما يتحدث الناس ؟ قالت : يا بنية ! هوني عليك ، فوالله ! لقل ما كانت امرأة - قط - وضيئة عند رجل يحبها ، ولها ضرائر : إلا كثرن عليها ) .
«الوضيئة » مهموزة ممدودة : على زنة «عظيمة » ، هي الجميلة الحسنة . «والوضاءة » : الحسن . وكانت nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة كذلك .
ووقع في رواية : «حظية » من الحظ وهي الوجاهة ، وارتفاع المنزلة .
«والضرائر » : جمع «ضرة » . وزوجات الرجل «ضرائر » ، لأن كل واحدة تتضرر بالأخرى : بالغيرة ، والقسم ، وغيره . والاسم منه : «الضر » بكسر الضاد ، وحكي ضمها .
«وكثرن » بالثاء المشددة ، بمعنى : أكثرن القول في عيبها ، ونقصها .
(قالت : قلت : سبحان الله ! وقد تحدث الناس بهذا ؟ قالت : فبكيت - تلك الليلة - حتى أصبحت لا يرقأ لي دمع ) بالهمزة . أي : لا ينقطع .
[ ص: 747 ] (ولا أكتحل بنوم ) أي : لا أنام ، لأن الهموم موجبة للسهر وسيلان الدموع .
(ثم أصبحت أبكي ، ودعا رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم : علي بن أبي طالب وأسامة بن زيد ، رضي الله عنهما - حين استلبث الوحي - ) أي : أبطأ ولبث ، ولم ينزل . (يستشيرهما في فراق أهله . قالت : فأما أسامة بن زيد ، فأشار على رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم : بالذي يعلم من براءة أهله ، وبالذي يعلم في نفسه لهم من الود . فقال : يا رسول الله ! هم أهلك ) : العفائف ، اللائقات بك . وعبر بالجمع ، إشارة إلى تعميم أمهات المؤمنين : بالوصف المذكور . أو أراد : تعظيم nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة .
(ولا نعلم إلا خيرا . وأما علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه ؛ فقال : لم يضيق الله عليك ، والنساء سواها كثير ) .
قال النووي : هذا الذي قاله nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنه ، هو الصواب في حقه ، لأنه رآه مصلحة ونصيحة للنبي ، صلى الله عليه وآله وسلم - في اعتقاده - ، ولم يكن ذلك في نفس الأمر . لأنه رأى انزعاج النبي ، صلى الله عليه وآله وسلم : بهذا الأمر ، وتقلقه ، فأراد : راحة خاطره ، وكان ذلك [ ص: 748 ] أهم من غيره (وإن تسأل الجارية : تصدقك . قالت : فدعا رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم بريرة ) . إطلاق «الجارية » عليها - وإن كانت معتقة - : إطلاق مجازي ، باعتبار ما كانت عليه .
(فقال : «أي بريرة ! هل رأيت من شيء يريبك ، من nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة ؟ » قالت له بريرة : والذي بعثك بالحق ! إن رأيت عليها أمرا قط ، أغمصه عليها ) بفتح الهمزة وكسر الميم : أي أعيبها (أكثر من أنها جارية حديثة السن ، تنام عن عجين أهلها ، فتأتي الداجن فتأكله ) .
«الداجن » : الشاة التي تألف البيت ، ولا تخرج للمرعى . ومعنى الكلام : أنه ليس فيها شيء مما تسألون عنه أصلا ، ولا فيها شيء من غيره : إلا نومها عن العجين .
(قالت : فقام رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم ، على المنبر ، فاستعذر من عبد الله بن أبي ، ابن سلول ) (أبي » منون . «وابن سلول » بالألف . وسبق بيانه .
ومعنى «استعذر » : أنه قال : «من يعذرني » .
(قالت : فقال رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم - وهو على المنبر - : يا معشر المسلمين ! من يعذرني من رجل ، قد بلغني أذاه في [ ص: 749 ] أهل بيتي ؟ ) : أي : من يعذرني فيمن آذاني في أهلي ، كما بينه في هذا الحديث .
ومعنى «من يعذرني » . من يقوم بعذري - إن كافأته على قبيح فعاله - ولا يلومني .
(فوالله ! ما علمت على أهلي إلا خيرا . ولقد ذكروا رجلا ، ما علمت عليه إلا خيرا . وما كان يدخل على أهلي ، إلا معي . فقام سعد بن معاذ الأنصاري ) رضي الله عنه ؛ (فقال : أنا أعذرك منه ، يا رسول الله ! ) .
قال nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض : هذا مشكل لم يتكلم فيه أحد ، وكانت هذه القصة ، في غزوة مريسيع ، - وهي غزوة بني المصطلق - سنة ست ، فيما ذكره nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق ومعلوم أن سعد بن معاذ ، مات في إثر غزاة الخندق : من الرمية التي أصابته ، وذلك سنة «أربع » بإجماع أهل السير ، إلا شيئا قاله nindex.php?page=showalam&ids=15472الواقدي وحده .
قال nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض : قال بعض شيوخنا : ذكر «سعد بن معاذ » في هذا ، وهم . والأشبه : أنه غيره . ولهذا لم يذكره nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق في السير ، وإنما قال : إن المتكلم - أولا وآخرا - «أسيد بن حضير » .
قال nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض : وقد ذكر «موسى بن عقبة » : أن غزوة المريسيع ، كانت سنة أربع ، وهي سنة الخندق . وقد ذكر nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري اختلاف ابن إسحاق وابن عقبة .
[ ص: 750 ] قال nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض : فيحتمل أن «غزاة المريسيع » ، وحديث الإفك : كانا في سنة أربع ، قبل قصة الخندق . . قال : وقد ذكر الطبري - عن الواقدي - : أن «المريسيع » كانت سنة خمس .
قال : وكانت الخندق وقريظة بعدها . وذكر القاضي «إسماعيل » الخلاف في ذلك ، وقال : الأولى : أن يكون «المريسيع » قبل «الخندق » .
قال nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض : وهذا ، لذكر «سعد » في قصة الإفك ، وكانت في المريسيع . فعلى هذا : يستقيم فيه ذكر nindex.php?page=showalam&ids=307«سعد بن معاذ » - وهو الذي في الصحيحين - وقول غير nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق «في غير وقت المريسيع » : أصح .
قال النووي : هذا آخر كلام القاضي ، وهو صحيح .
(إن كان من الأوس : ضربنا عنقه . وإن كان من إخواننا الخزرج : أمرتنا ، ففعلنا أمرك . قالت : فقام nindex.php?page=showalam&ids=228سعد بن عبادة - وهو سيد الخزرج - وكان رجلا صالحا ، ولكن اجتهلته الحمية ) هكذا هو - هنا - لمعظم رواة صحيح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم : «بالجيم والهاء » . أي : استخفته ، وأغضبته ، وحملته على الجهل .
[ ص: 751 ] وفي رواية : «احتملته » بالحاء والميم . وكذا رواه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم بعد هذا من رواية «يونس » ، و «صالح » . وكذا رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري . ومعناه : أغضبته . فالروايتان صحيحتان .
(فقال لسعد بن معاذ : كذبت ، لعمر الله ! لا تقتله ، ولا تقدر على قتله . فقام أسيد بن حضير - وهو ابن عم سعد بن معاذ - فقال لسعد بن عبادة : كذبت ، لعمر الله ! لنقتلنه ، فإنك منافق تجادل عن المنافقين ) .
قال nindex.php?page=showalam&ids=15140المازري : لم يرد نفاق الكفر ، إنما أراد : أنه يظهر الود للأوس ، ثم ظهر منه في هذه القضية ضد ذلك ، فأشبه حال المنافقين . لأن حقيقته : إظهار شيء وإخفاء غيره .
وقال «ابن أبي جمرة » : وإنما صدر ذلك منهم ، لأجل قوة حال الحمية التي غطت على قلوبهم - حين سمعوا ما قال رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم - فلم يتمالك أحد منهم ، إلا قام في نصرته ، لأن الحال إذا ورد على القلب : ملكه ، فلا يرى غير ما هو لسبيله . فلما غلبهم حال الحمية : لم يراعوا الألفاظ ، فوقع منهم : السباب والتشاجر ، لشدة انزعاجهم في النصرة (فثار الحيان : الأوس والخزرج ) أي : تناهضوا للنزاع والعصبية ، كما قالت : (حتى هموا أن يقتتلوا ، ورسول الله ، صلى [ ص: 752 ] الله عليه وآله وسلم ، قائم على المنبر ، فلم يزل رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم ، يخفضهم حتى سكتوا ، وسكت .
قالت : وبكيت يومي ذلك ، لا يرقأ لي دمع ، ولا أكتحل بنوم . ثم بكيت ليلتي المقبلة ، لا يرقأ لي دمع ، ولا أكتحل بنوم ، وأبواي يظنان : أن البكاء فالق كبدي . فبينا هما جالسان عندي وأنا أبكي : استأذنت علي امرأة من الأنصار ، فأذنت لها . فجلست تبكي .
قالت : فبينا نحن على ذلك : دخل علينا رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم ، فسلم ثم جلس ، قالت : ولم يجلس عندي ، منذ قيل لي ما قيل . وقد لبث شهرا لا يوحى إليه في شأني بشيء . قالت : فتشهد رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم - حين جلس - ثم قال : أما بعد ، يا nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة ! فإنه قد بلغني عنك : كذا وكذا ) كناية : عما رميت به من الإفك . (فإن كنت بريئة : فسيبرئك الله ) أي : بوحي ينزله . (وإن كنت ألممت بذنب : فاستغفري الله ) .
معناه : إن كنت فعلت ذنبا - وليس ذلك لك بعادة - وهذا أصل اللمم .
(وتوبي إليه ؛ فإن العبد إذا اعترف بذنب ثم تاب ) أي : منه ، إلى الله عز وجل : (تاب الله عليه ) .
(قالت : فلما قضى رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم مقالته : قلص دمعي ) بفتح القاف واللام ، أي : ارتفع لاستعظام ما يعييني من الكلام ، (حتى ما أحس منه قطرة . فقلت لأبي : أجب عني رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم ، فيما قال ) .
فيه : تفويض الكلام إلى الكبار ، لأنهم أعرف بمقاصده ، واللائق بالمواطن منه . وأبواها يعرفان حالها .
(فقال : والله ! ما أدري : ما أقول لرسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم . فقلت لأمي : أجيبي عني رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم . فقالت : والله ! ما أدري : ما أقول لرسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم ) .
معناه : أن الأمر الذي سألها عنه : لا يقفان منه على زائد ، على ما عند رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم - قبل نزول الوحي - : من حسن الظن بها . والسرائر إلى الله تعالى .
(فقلت - وأنا جارية حديثة السن ، لا أقرأ كثيرا من القرآن - : إني والله ! لقد عرفت أنكم قد سمعتم بهذا ، حتى استقر في أنفسكم ، وصدقتم به . فإن قلت لكم : إني بريئة - والله يعلم أني بريئة - : لا [ ص: 754 ] تصدقوني بذلك . ولئن اعترفت لكم بأمر - والله يعلم أني بريئة - : لتصدقوني . وإني والله ! ما أجد لي ولكم مثلا ، إلا كما قال أبو يوسف : فصبر جميل ) أي : أمري صبر جميل ، لا جزع فيه على هذا الأمر .
وفي مرسل «حبان بن أبي جبلة » ، قال : سئل رسول الله . صلى الله عليه وآله وسلم ، عن قوله : «فصبر جميل » ؟ فقال : «صبر لا شكوى فيه » أي : إلى الخلق .
(قالت : ثم تحولت ، واضطجعت على فراشي . قالت : وأنا والله ! حينئذ أعلم أني بريئة ، وأن الله عز وجل مبرئي ببراءتي . ولكن والله ! ما كنت أظن أن ينزل في شأني وحي يتلى ؛ ولشأني كان أحقر في نفسي : من أن يتكلم الله عز وجل في بأمر يتلى . ولكن كنت أرجو أن يرى رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم - في النوم - رؤيا يبرئني الله بها . قالت : فوالله ! ما رام رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم : [ ص: 755 ] مجلسه ) أي : ما فارقه (ولا خرج من أهل البيت أحد ، حتى أنزل الله عز وجل على نبيه صلى الله عليه وآله وسلم ، فأخذه ما كان يأخذه : من البرحاء ) : بضم الباء ، وفتح الراء ، وبالحاء ، والمد : هي الشدة (عند الوحي ، حتى إنه ليتحدر منه ) أي : لينصب (مثل الجمان ) : بضم الجيم ، وتخفيف الميم ، وهو «الدر » . شبهت قطرات عرقه ، صلى الله عليه وآله وسلم : «بحبات اللؤلؤ » في الصفاء ، والحسن (من العرق في اليوم الشاتي ) أي : البارد (من ثقل القول الذي أنزل عليه . قالت : فلما سري ) أي : كشف وأزيل (عن رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم - وهو يضحك - فكان أول كلمة تكلم بها ؛ أن قال : «أبشري ، يا nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة ! أما الله فقد برأك » . فقالت لي أمي : قومي إليه . فقلت : والله ! لا أقوم إليه ، ولا أحمد إلا الله ، هو الذي أنزل براءتي ) .
قال النووي : معناه ، قالت لها أمها : قومي ، فاحمديه وقبلي رأسه ، واشكريه لنعمة الله تعالى ، التي بشرك . فقالت nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة ما قالت إدلالا عليه ، وعتبا - لكونهم شكوا في حالها ، مع علمهم بحسن طرائقها ، وجميل أحوالها ، وارتفاعها عن هذا الباطل الذي افتراه قوم ظالمون : مما لا حجة له ولا شبهة فيه .
قالت : وإنما أحمد ربي سبحانه وتعالى ، الذي أنزل براءتي ، وأنعم علي بما لم أكن أتوقعه ، كما قالت : ولشأني كان أحقر - في نفسي - من أن يتكلم الله في بأمر يتلى .
«والإفك » : أسوأ الكذب ، وأفحشه ، وأقبحه . وهو مأخوذ من «أفك الشيء » إذا قلبه عن وجهه . «فالإفك » : هو الحديث المقلوب ، لكونه مصروفا عن الحق . وقيل : هو البهتان .
قال في (فتح البيان ): أجمع المسلمون على أن المراد بما في الآية : ما وقع من الآفات ، على nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة «أم المؤمنين » . وإنما وصفه الله بأنه : «إفك ، لأن المعروف من حالها : خلاف ذلك .
(عصبة منكم ) . «العصبة » : الجماعة من العشرة إلى الأربعين . والمراد بهم - هنا - : «عبد الله بن أبي رأس المنافقين ، وزيد بن رفاعة ، وحسان بن ثابت ، ومسطح بن أثاثة ، وحمنة بنت جحش » ، ومن ساعدهم .
وقيل : «العصبة » : من الثلاثة إلى العشرة . وقيل : من عشرة إلى خمسة عشر .
[ ص: 757 ] وأصلها - في اللغة - : الجماعة الذين يتعصب بعضهم لبعض .
(لا تحسبوه شرا لكم ) خوطب به النبي ، صلى الله عليه وآله وسلم ، nindex.php?page=showalam&ids=25وعائشة ، nindex.php?page=showalam&ids=1وأبو بكر ، وصفوان بن المعطل .
وفيه تسلية لهم .
(بل هو خير لكم ) . «الخير » : ما زاد نفعه على ضره . وأما الخير الذي لا شر فيه : فهو الجنة ، والشر الذي لا خير فيه : فهو النار .
ووجه كونه خيرا لهم : أنه يحصل لهم به الثواب العظيم ، مع بيان براءة nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة الصديقة بنت الصديق ، وصيرورة قصتها هذه شرعا عاما ، وهذا غاية الشرف والفضل .
وتمام الآية : «لكل امرئ منهم » ، أي : من العصبة الكاذبة : «ما اكتسب من الإثم » بسبب تكلمه بالإفك .
«والذي تولى » . أي : تحمل «كبره » أي : معظمه «منهم » : فبدأ بالخوض فيه ، وأشاعه : «له عذاب عظيم » في الدنيا ، أو في الآخرة ، أو فيهما .
(عشر آيات ؛ فأنزل الله عز وجل : هذه الآيات ببراءتي .
قالت : فقال أبو بكر رضي الله عنه - وكان ينفق على مسطح لقرابته منه ، وفقره - : والله ! لا أنفق عليه شيئا أبدا - بعد الذي قال nindex.php?page=showalam&ids=25لعائشة [ ص: 758 ] فأنزل الله عز وجل : «ولا يأتل ) أي : لا يحلف (أولو الفضل منكم والسعة أن يؤتوا ) أي : أن لا يؤتوا (أولي القربى » إلى قوله : «ألا تحبون أن يغفر الله لكم » ؟ ) أي : بسبب عفوكم وصفحكم عن الفاعلين : للإساءة عليكم . فإن الجزاء من جنس العمل . فكما تغفر يغفر لك ، وكما تصفح يصفح عنك .
قال nindex.php?page=showalam&ids=15678حبان بن موسى : قال nindex.php?page=showalam&ids=16418عبد الله بن المبارك : هذه أرجى آية في كتاب الله .
(فقال أبو بكر : والله ! إني لأحب أن يغفر الله لي . فرجع إلى مسطح : النفقة التي كان ينفق عليه . وقال : لا أنزعها منه أبدا .
قالت nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة : وكان رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم ؛ سأل nindex.php?page=showalam&ids=15953زينب بنت جحش - «زوج النبي » صلى الله عليه وآله وسلم - عن أمري : ما علمت ؟ أو ما رأيت ؟ فقالت : يا رسول الله ! أحمي سمعي وبصري ) أي : أصونهما من أن أقول : «سمعت » ، ولم أسمع . «وأبصرت » ، ولم أبصر .
(والله ! ما علمت إلا خيرا . قالت nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة : وهي التي كانت تساميني - من أزواج النبي ، صلى الله عليه وآله وسلم - ) أي : تفاخرني ، وتضاهيني : بجمالها ومكانها عند النبي ، صلى الله عليه وآله وسلم . وهي مفاعلة من «السمو » ، وهو الارتفاع .
[ ص: 759 ] (فعصمها الله بالورع ) أي : حفظها ومنعها بالمحافظة على دينها - عن أن تقول بقول أهل الإفك .
(وطفقت أختها «حمنة بنت جحش » : تحارب لها ) أي : جعلت تتعصب لها ، فتحكي ما يقوله أهل الإفك .
«وطفق » : بكسر الفاء على المشهور ، وحكي فتحها .
(فهلكت فيمن هلك .
قال nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري : فهذا ما انتهى إلينا من أمر هؤلاء الرهط ) .
قال الصلاح الصفدي : رأيت بخط « ابن خلكان » ؛ أن مسلما ناظر نصرانيا ، فقال له النصراني في خلال كلامه - محتقنا في خطابه بقبيح آثامه - : يا مسلم ! كيف كان وجه زوجة نبيكم nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة ، في تخلفها عن الركب عند نبيكم - معتذرة بضياع عقدها - ؟ فقال له المسلم : يا نصراني ! كان وجهها ، كوجه «بنت عمران » لما أتت بعيسى تحمله ، من غير زوج . فمهما اعتقدت في دينك «من براءة مريم » ، اعتقدنا مثله في ديننا من «براءة زوج نبينا صلى الله عليه وآله وسلم ، فانقطع النصراني ، ولم يحر جوابا . انتهى .
قلت : ولهذه المناظرة ألفاظ ، بعضها أبلغ من بعض .
(هلك الرافضة )
وقد (هلك الرافضة ) - في هذا الموضع - بسبهم nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة ، وإفكهم [ ص: 760 ] إياها ، كما وقع من أهل الإفك السالفة . وهذا إنكار منهم للقرآن الناطق بالحق ، المبرئ لها مما رموها به ، وجحود لصريح نصوص الكتاب . أقماهم الله تعالى . فما أصبرهم على النار !
وفي الحديث : مباحث ، وفوائد كثيرة : ذكرها الحافظ في(الفتح ) لا نطول بذكرها . ولنقتصر هنا على ما ذكره النووي : من فوائد هذا الحديث ؛ قال رحمه الله تعالى : اعلم أن في «حديث الإفك » فوائد كثيرة ؛ إحداها : جواز رواية الحديث الواحد ، عن جماعة - عن كل واحد قطعة مبهمة منه - وهذا وإن كان فعل nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري وحده ، فقد أجمع المسلمون على قبوله منه ، والاحتجاج به .
الرابعة : أنه لا يجب قضاء مدة السفر : للنسوة المقيمات . وهذا مجمع عليه ، - إذا كان السفر طويلا - وحكم القصير حكم الطويل ، على المذهب الصحيح . وخالف فيه بعض الشافعية .
الثالثة عشر : فضيلة الاقتصاد في الأكل : للنساء وغيرهن ، وأن لا يكثر منه بحيث يهبله اللحم ، لأن هذا كان حالهن - في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم - وما كان في زمانه ، صلى الله عليه وآله وسلم : فهو الكامل الفاضل المختار .
الحادية والعشرون : أنه يستحب أن يستر عن الإنسان «ما يقال فيه » ، إذا لم يكن في ذكره فائدة ، كما كتموا عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة «رضي الله عنها » : هذا [ ص: 763 ] الأمر ، شهرا ، ولم تسمع بعد ذلك : إلا بعارض عرض ، وهو قول أم مسطح : «تعس مسطح » .
الرابعة والثلاثون : فضائل ظاهرة : لصفوان بن المعطل ، «رضي الله عنه » : بشهادة النبي ، صلى الله عليه وآله وسلم له ، بما شهد . وبفعله الجميل(في إركاب nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة ، وحسن أدبه في جملة القضية ).
الخامسة والثلاثون : فضيلة nindex.php?page=showalam&ids=307لسعد بن معاذ ، وأسيد بن حضير «رضي الله عنهما » .
الرابعة والخمسون : جواز سب المتعصب لمبطل ، كما سب nindex.php?page=showalam&ids=168أسيد بن حضير « nindex.php?page=showalam&ids=228سعد بن عبادة » لتعصبه للمنافق . وقال : إنك منافق ، تجادل عن المنافقين . وأراد : إنك تفعل فعل المنافقين ، ولم يرد النفاق الحقيقي .