الأولى قوله :
"لو كان جوهرا كالجواهر، فإما أن يكون واجبا لذاته ، وإما أن لا يكون ، فإن كان واجبا لذاته لزم اشتراك جميع الجواهر في وجوب الوجود لذاتها، ضرورة اشتراكها في معنى
[ ص: 150 ] الجوهرية ، وإن كان ممكنا لزم أن لا يكون واجبا لذاته ، وإن كان لا كالجواهر ، فهو تسليم للمطلوب" .
فيقال : لا نسلم أنه إذا كان واجبا لذاته لزم اشتراك جميع الجواهر في وجوب الوجود ، ولا يلزم أن الاشتراك في الجوهرية يقتضي الاشتراك في جميع الصفات التي تجب لكل منها وتمتنع عليه وتجوز له .
وكذلك يقال : لا نسلم أنه إذا لم يكن كالجواهر كان تسليما للمطلوب ، وذلك أنه إذا قيل : حي لا كالأحياء ، وعالم لا كالعلماء ، وقادر لا كالقادرين، لا يلزم من ذلك نفي هذه الصفات ، ولا إثبات خصائص المخلوقات .
فمن قال: هو جوهر، وفسره إما بالمتحيز ، وإما بالقائم بذاته، وإما بما هو موجود في موضوع لم يسلم أن الجواهر متماثلة ، بل يقول: تنقسم إلى واجب وممكن ، كما ينقسم الحي والعليم إلى هذا وهذا .
[ ص: 151 ]
فإن قال : إذا كان متحيزا فالمتحيزات مماثلة له، كان هذا مصادرة على المطلوب ، لأنه نفى كونه جسما بناء على نفي الجوهر ، ونفى الجوهر بناء على نفي المتحيز . والمتحيز هو الجسم، أو الجوهر والجسم، فيكون قد جعل الشيء مقدمة في إثبات نفسه ، وهذه هي المصادرة .