[ ص: 281 ] رسالة إلى
السلطان الملك المؤيد [ ص: 282 ] [ ص: 283 ] بسم الله الرحمن الرحيم
من
أحمد بن تيمية إلى المولى السيد
السلطان الملك المؤيد ، أيده الله بتكميل القوتين النظرية والعلمية ، حتى يبلغه أعلى مراتب السعادة الدنيوية والأخروية ، ويجعله ممن أتم عليه نعمه الباطنة والظاهرة ، وأعطاه غاية المطالب الحميدة في الدنيا والآخرة ، وجعله مع الذين أنعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ، وحسن أولئك رفيقا .
ففي الهدى كمال القوة العلمية ، وفي الرشاد كمال القوة العملية ، وبهما أخبر أنه أرسل رسوله حيث قال :
هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا .
فالهدى يتضمن كمال القوة العلمية ، ودين الحق يتضمن كمال القوة العملية .
وقد نزهه عن ضد ذلك في مثل قوله :
والنجم إذا هوى ما ضل صاحبكم وما غوى وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى .
فنزهه عن "الضلال" المناقض للهدى ، وهو النقص في القوة العلمية ، وعن "الغي" المناقض للرشاد ، وهو النقص في القوة العملية .
[ ص: 284 ]
ثم أخبر بكماله فيهما بقوله
وما ينطق عن الهوى وهو هوى النفس المفسد للقوة العملية ،
إن هو إلا وحي يوحى وهو أعلى مراتب إعلام الله لعباده ، وإن كان أهله متفاضلين فيه .
فكمال
التنزه عن الخطأ للأنبياء صلوات الله عليهم وسلامه ، وهم فيه متفاضلون ، كما قال تعالى :
ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض ، وقال تعالى :
تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات وآتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس .