[ ص: 109 ] فصل (
في التوبة من البدعة المفسقة والمكفرة وما اشترط فيها )
ومن تاب من بدعة مفسقة أو مكفرة صح إن اعترف بها وإلا فلا . قال في الشرح : فأما البدعة فالتوبة منها بالاعتراف بها والرجوع عنها واعتقاد ضد ما كان يعتقد منها قال في الرعاية في موضع آخر من كفر ببدعة قبلت توبته على الأصح ، وقيل إن اعترف بها وإلا فلا ، وقيل إن كان داعية لم تقبل توبته ، وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي في الخلاف في آخر مسألة
هل تقبل توبة الزنديق .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد في رواية
المروذي في
الرجل يشهد عليه بالبدعة فيجحد ليست له توبة إنما التوبة لمن اعترف .
فأما من جحد فلا توبة له وقال في رواية
المروذي وإذا
تاب المبتدع يؤجل سنة حتى تصح توبته واحتج بحديث
إبراهيم التيمي أن القوم نازلوه في
صبيغ بعد سنة فقال جالسوه وكونوا منه على حذر .
وقال القاضي
أبو الحسين بعد أن ذكر هذه الرواية وغيرها فظاهر هذه الألفاظ قبول توبته منها بعد الاعتراف والمجانبة لمن كان يقارنه ومضي سنة ، ثم ذكر رواية ثانية أنها لا تقبل واختاره
ابن شاقلا واحتج لاختياره بقوله عليه السلام {
nindex.php?page=hadith&LINKID=36584من سن سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة } وروى
nindex.php?page=showalam&ids=14800أبو حفص العكبري بإسناده عن
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس مرفوعا {
nindex.php?page=hadith&LINKID=2694أن الله عز وجل احتجب التوبة عن كل صاحب بدعة } .
وقال الشيخ
تقي الدين وهذا القول الجامع للمغفرة لكل ذنب للتائب منه كما دل عليه القرآن والحديث هو الصواب عند جماهير أهل العلم وإن كان من الناس من استثنى بعض الذنوب كقول بعضهم إن
توبة الداعية إلى البدع لا تقبل باطنا للحديث الإسرائيلي الذي فيه " وكيف من أضللت ؟ "
[ ص: 110 ] وهذا غلط فإن الله تعالى قد بين في كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم أنه يتوب على أئمة الكفر الذين هم أعظم من أئمة البدع انتهى كلامه .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13372ابن عقيل في الإرشاد الرجل إذا دعا إلى بدعة ثم ندم على ما كان وقد ضل به خلق كثير وتفرقوا في البلاد وماتوا فإن توبته صحيحة إذا وجدت الشرائط ويجوز أن يغفر الله له ويقبل توبته ويسقط ذنب من ضل به بأن يرحمه ويرحمهم وبه قال أكثر العلماء خلافا لبعض أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد وهو
أبو إسحاق بن شاقلا وهو مذهب
الربيع بن نافع وأنها لا تقبل ثم احتج بحديث الإسرائيلي وغيره وقال لا نمنع أن يكون مطالبا بمظالم الآدميين ولكن هذا لا يمنع صحة التوبة ، كالتوبة من السرقة وقتل النفس وغصب الأموال صحيحة مقبولة ، والأموال والحقوق للآدمي لا تسقط ، ويكون هذا الوعيد راجعا إلى ذلك ، ويكون نفي القبول راجعا إلى القبول الكامل وقال هو مأزور بضلالهم وهم مأزورون بأفعالهم وقد تقدمت المسألة في أول فصول التوبة .