[ ص: 566 ] مطلب : الرضا بالقضاء مقام عظيم من جملة ثمرات المعرفة .
واعلم - وفقني الله وإياك - أن
الرضا بالقضاء مقام عظيم . وهو من جملة ثمرات المعرفة . فإذا عرفته رضيت بقضائه . وقد يجري في ضمن القضاء مرارات يجد بعض طعمها الراضي . وأما العارف فتقل عنده المرارة لقوة حلاوة المعرفة . فإذا ترقى بالمعرفة إلى المحبة صارت مرارة الأقدار حلاوة . كما قيل :
عذابه فيك عذب وبعده فيك قرب وأنت عندي كروحي
بل أنت منها أحب حسبي من الحب أني
لما تحب أحب
وقال بعض المحبين في المعنى :
ويقبح عن سواك الفعل عندي فتفعله فيحسن منك ذاكا
وقد قدمنا أن الرضا إنما يمدح حيث كان بما من الله مثل المرض والفقر .
وأما بالكسل عن خدمته والبعد عن أهل الجنة فلا . فإن ذلك منك . وهذا معنى قول بعضهم ارض بما منه لا بما منك . فأما الكسل والتخلف فهو منسوب إليك فلا ترض به من فعلك . وكن مستوفيا حقه عليك ، مناقشا نفسك فيما يقربك منه ، غير راض منها بالتواني في المجاهدة وأما ما يصدر من أقضيته المجردة التي لا كسب لك فيها فكن راضيا بها . كما قالت
nindex.php?page=showalam&ids=15879رابعة رحمها الله وقد ذكر عندها رجل من العباد يلتقط من مزبلة فيأكل . فقيل هلا يسأل الله تعالى أن يجعل رزقه من غير هذا ؟ فقالت إن الراضي لا يتخير .
ومن ذاق طعم المعرفة وجد فيه طعم المحبة . فوقع الرضا عنده ضرورة . فينبغي
الاجتهاد في طلب المعرفة بالأدلة ثم العمل بمقتضى المعرفة بالجد في الخدمة لعل ذلك يورث المحبة . فقد قال سبحانه وتعالى {
nindex.php?page=hadith&LINKID=31624لا يزال العبد يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به } فذلك الغنى الأكبر والله الموفق .