المسألة السابعة : قوله تعالى : {
لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم }
عام في كل صيد كان ، مأكولا أو غير مأكول ، سبعا أو غير سبع ، ضاريا أو غير ضار ، صائلا أو ساكنا ; بيد أن العلماء اختلفوا في خروج السباع عنه وتخصيصه منها ; فقال علماؤنا : يجوز
للمحرم قتل السباع العادية المبتدئة بالمضرة كالأسد والنمر والذئب والفهد والكلب العقور وما في معناها ، ومن الطير كالغراب والحدأة ; ولا جزاء عليه فيه .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة بقولنا في الكلب العقور والذئب والغراب والحدأة ، وخالفنا في السبع والفهد والنمر وغيرها من السباع ، فأوجب على المحرم الجزاء بقتلها .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : كل ما لا يؤكل لحمه فلا جزاء فيه إلا السمع وهو المتولد بين الذئب والضبع .
[ ص: 176 ] ودليلنا قوله صلى الله عليه وسلم : " {
nindex.php?page=hadith&LINKID=18566خمس ليس على المحرم في قتلهن جناح } . وفي رواية : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=44118يقتلن في الحل والحرم : الحدأة والغراب والعقرب والفأرة والكلب العقور } . وفي رواية : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=14137الحية والكلب العقور } خرجه الأئمة بأجمعهم . وفيه {
nindex.php?page=hadith&LINKID=14666الغراب الأبقع } خرجه
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم ، وفيه : {
السبع العادي } خرجه
أبو داود والترمذي ، وهذا تنبيه على العلة وعلى الأجناس .
أما العلة فهي الفسق بالإذاية ، وأما الأجناس فنبه بكل مذكور على نوع من الجنس وذكر الكلب العقور ، وذلك مما يدخل تحته بعلة العقر الفهد والسبع ، ولا سيما بالنص عليه من طريق
السجزي والترمذي .
والعجب من
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة في أن يحمل التراب على البر بعلة الكيل ، ولا يحمل السباع العادية على الكلب العقور بعلة الفسق والعقر .
[ ص: 177 ] وأما
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي فإذا قلنا بأن لحمها لا يؤكل فهي معقورة لا جزاء فيها ; لأن ما لا يؤكل لحمه لا جزاء فيه كالخنزير .
وأما إن قلنا : إنها تؤكل ففيها الجزاء لأنها صيد مأكول . وسيأتي القول في أكلها في سورة الأنعام إن شاء الله تعالى . وتعلق
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة بأنه صيد تتناوله الآية بالنهي والجزاء بعد ارتكاب النهي ; والدليل على أنه صيد أنه يقصد لأجل جلده ، والجلد مقصود في المالية ، كما أن اللحم مقصود في الأكل . قلنا : لا تسمي
العرب صيدا إلا ما يؤكل لحمه .
فإن قيل : بل كانت الحيوانات كلها عند
العرب صيدا . فإنها كانت تأكل كل ما دب ودرج ، ثم جاء الشرع بالتحريم ، فغير الشرع الأحكام دون الأسماء . قلنا : هذا جهل عظيم ، إن الصيد لا يعرف إلا فيما يؤكل . وقولهم : إن الشرع غير الأحكام دون الأسماء باطل ; لأن الأحكام تابعة للأسماء . وقد روى
ابن أبي عمار أنه قال
nindex.php?page=showalam&ids=36لجابر بن عبد الله . الضبع أصيد هي ؟ قال : نعم . قال : فيها جزاء ; قال : نعم ، كبش . وهذا يدل على أنه سأله عن جواز أكلها ، وبعد ذلك سأله عن جزائها .