قوله تعالى
دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين
قوله تعالى
دعواهم فيها سبحانك اللهم دعواهم : أي دعاؤهم ; والدعوى مصدر دعا يدعو ، كالشكوى مصدر شكا يشكو ; أي دعاؤهم في الجنة أن يقولوا سبحانك اللهم وقيل : إذا أرادوا أن يسألوا شيئا أخرجوا السؤال بلفظ التسبيح ويختمون بالحمد . وقيل : نداؤهم الخدم ليأتوهم بما شاءوا ثم سبحوا . وقيل : إن الدعاء هنا بمعنى التمني قال الله تعالى
ولكم فيها ما تدعون أي ما تتمنون . والله أعلم .
قوله تعالى
وتحيتهم فيها سلام أي تحية الله لهم أو تحية الملك أو تحية بعضهم لبعض : سلام . وقد مضى في " النساء " معنى التحية مستوفى . والحمد لله .
قوله تعالى
وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين فيه أربع مسائل : الأولى : قيل : إن
أهل الجنة إذا مر بهم الطير واشتهوه قالوا : سبحانك اللهم ; فيأتيهم الملك بما اشتهوا ، فإذا أكلوا حمدوا الله فسؤالهم بلفظ التسبيح والختم بلفظ الحمد . ولم يحك
أبو عبيد إلا تخفيف أن ورفع ما بعدها ; قال : وإنما نراهم اختاروا هذا وفرقوا بينها وبين قوله عز وجل : أن لعنة الله وأن غضب الله لأنهم أرادوا الحكاية حين يقال الحمد لله . قال
النحاس : مذهب
الخليل nindex.php?page=showalam&ids=16076وسيبويه أن أن هذه مخففة من الثقيلة . والمعنى أنه الحمد لله . قال
محمد بن يزيد : ويجوز " أن الحمد لله " يعملها خفيفة عملها ثقيلة ; والرفع أقيس . قال
النحاس : وحكى
أبو حاتم أن
بلال بن أبي بردة قرأ "
وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين " .
قلت : وهي قراءة
ابن محيصن ، حكاها
الغزنوي لأنه يحكي عنه .
[ ص: 229 ] الثانية :
التسبيح والحمد والتهليل قد يسمى دعاء ; روى
مسلم nindex.php?page=showalam&ids=12070والبخاري عن
ابن عباس nindex.php?page=hadith&LINKID=836548أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول عند الكرب : لا إله إلا الله العظيم الحليم . لا إله إلا الله رب العرش العظيم . لا إله إلا الله رب السماوات ورب الأرض ورب العرش الكريم . قال
الطبري : كان السلف يدعون بهذا الدعاء ويسمونه
دعاء الكرب . وقال
ابن عيينة وقد سئل عن هذا فقال : أما علمت أن الله تعالى يقول
nindex.php?page=hadith&LINKID=836549 " إذا شغل عبدي ثناؤه عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين " . والذي يقطع النزاع وأن هذا يسمى دعاء وإن لم يكن فيه من معنى الدعاء شيء وإنما هو تعظيم لله تعالى وثناء عليه ما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي عن
nindex.php?page=showalam&ids=37سعد بن أبي وقاص قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=836550دعوة ذي النون إذ دعا بها في بطن الحوت لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين فإنه لن يدعو بها مسلم في شيء إلا استجيب له .
الثالثة : من
السنة لمن بدأ بالأكل أن يسمي الله عند أكله وشربه ويحمده عند فراغه اقتداء بأهل الجنة ; وفي صحيح
مسلم عن
أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=836551إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها أو يشرب الشربة فيحمده عليها .
الرابعة : يستحب للداعي أن يقول في آخر دعائه كما قال أهل الجنة :
وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين ; وحسن أن يقرأ آخر والصافات فإنها جمعت تنزيه البارئ تعالى عما نسب إليه ، والتسليم على المرسلين ، والختم بالحمد لله رب العالمين .
قوله تعالى
ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير لقضي إليهم أجلهم فنذر الذين لا يرجون لقاءنا في طغيانهم يعمهون