قوله تعالى
يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها وتوفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون [ ص: 175 ] قوله تعالى :
يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها أي تخاصم وتحاج عن نفسها ; جاء في الخبر أن كل أحد يقول يوم القيامة : نفسي نفسي ! من شدة هول يوم القيامة سوى
محمد - صلى الله عليه وسلم - فإنه يسأل في أمته . وفي حديث
عمر أنه قال
nindex.php?page=showalam&ids=16850لكعب الأحبار : يا
كعب ، خوفنا هيجنا حدثنا نبهنا . فقال له
كعب : يا أمير المؤمنين ، والذي نفسي بيده لو وافيت يوم القيامة بمثل عمل سبعين نبيا لأتت عليك تارات لا يهمك إلا نفسك ، وإن لجهنم زفرة لا يبقى ملك مقرب ولا نبي منتخب إلا وقع جاثيا على ركبتيه ، حتى إن
إبراهيم الخليل ليدلي بالخلة فيقول : يا رب ، أنا خليلك
إبراهيم ، لا أسألك اليوم إلا نفسي ! قال : يا
كعب ، أين تجد ذلك في كتاب الله ؟ قال : قوله - تعالى - :
يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها وتوفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون . وقال
ابن عباس في هذه الآية : ما تزال
الخصومة بالناس يوم القيامة حتى تخاصم الروح الجسد ; فتقول الروح : رب ، الروح منك أنت خلقته ، لم تكن لي يد أبطش بها ، ولا رجل أمشي بها ، ولا عين أبصر بها ، ولا أذن أسمع بها ولا عقل أعقل به ، حتى جئت فدخلت في هذا الجسد ، فضعف عليه أنواع العذاب ونجني ; فيقول الجسد : رب ، أنت خلقتني بيدك فكنت كالخشبة ، ليس لي يد أبطش بها ، ولا قدم أسعى به ، ولا بصر أبصر به ، ولا سمع أسمع به ، فجاء هذا كشعاع النور ، فبه نطق لساني ، وبه أبصرت عيني ، وبه مشت رجلي ، وبه سمعت أذني ، فضعف عليه أنواع العذاب ونجني منه . قال : فيضرب الله لهما مثلا أعمى ومقعدا دخلا بستانا فيه ثمار ، فالأعمى لا يبصر الثمرة والمقعد لا ينالها ، فنادى المقعد الأعمى ايتني فاحملني آكل وأطعمك ، فدنا منه فحمله ، فأصابوا من الثمرة ; فعلى من يكون العذاب ؟ قال : عليكما جميعا العذاب ; ذكره
الثعلبي .