قوله تعالى : يوم تكون السماء كالمهل وتكون الجبال كالعهن ولا يسأل حميم حميما
قوله تعالى :
يوم تكون السماء كالمهل العامل في " يوم " " واقع " ; تقديره يقع بهم العذاب يوم . وقيل : " نراه " أو " يبصرونهم " أو يكون بدلا من قريب . والمهل : دردي الزيت وعكره ; في قول
ابن عباس وغيره . وقال
ابن مسعود : ما أذيب من الرصاص والنحاس والفضة . وقال
مجاهد : كالمهل كقيح من دم وصديد . وقد مضى في سورة " الدخان " ، و " الكهف " القول فيه .
وتكون الجبال كالعهن أي كالصوف المصبوغ . ولا يقال للصوف عهن إلا أن يكون مصبوغا . وقال
الحسن :
وتكون الجبال كالعهن وهو الصوف الأحمر ، وهو أضعف الصوف . ومنه قول
زهير :
كأن فتات العهن في كل منزل نزلن به حب الفنا لم يحطم
[ ص: 262 ] الفتات القطع . والعهن الصوف الأحمر ; واحده عهنة . وقيل : العهن الصوف ذو الألوان ; فشبه الجبال به في تلونها ألوانا . والمعنى أنها تلين بعد الشدة ، وتتفرق بعد الاجتماع . وقيل : أول ما تتغير الجبال تصير رملا مهيلا ، ثم عهنا منفوشا ، ثم هباء منبثا .
ولا يسأل حميم حميما أي عن شأنه لشغل كل إنسان بنفسه ، قاله
قتادة . كما قال تعالى :
لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه . وقيل : لا يسأل حميم عن حميم ، فحذف الجار ووصل الفعل . وقراءة العامة " يسأل " بفتح الياء . وقرأ
شيبة والبزي عن
عاصم " ولا يسأل " بالضم على ما لم يسم فاعله ، أي لا يسأل حميم عن حميمه ولا ذو قرابة عن قرابته ، بل كل إنسان يسأل عن عمله . نظيره :
كل نفس بما كسبت رهينة .