القول في
تأويل قوله تعالى ذكره : ( وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين ( 34 ) )
قال
أبو جعفر : أما قوله : " وإذ قلنا " فمعطوف على قوله : "
وإذ قال ربك للملائكة " كأنه قال جل ذكره لليهود الذين كانوا بين ظهراني مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم من بني إسرائيل ، معددا عليهم نعمه ، ومذكرهم آلاءه ، على نحو الذي وصفنا فيما مضى قبل : اذكروا فعلي بكم إذ أنعمت عليكم .
[ ص: 502 ] فخلقت لكم ما في الأرض جميعا ، وإذ قلت للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة ، فكرمت أباكم
آدم بما آتيته من علمي وفضلي وكرامتي ، وإذ أسجدت له ملائكتي فسجدوا له . ثم استثنى من جميعهم إبليس ، فدل باستثنائه إياه منهم على أنه منهم ، وأنه ممن قد أمر بالسجود معهم ، كما قال جل ثناؤه : (
إلا إبليس لم يكن من الساجدين قال ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك ) [ سورة الأعراف : 11 - 12 ] ، فأخبر جل ثناؤه أنه قد أمر إبليس فيمن أمره من الملائكة بالسجود لآدم . ثم استثناه جل ثناؤه مما أخبر عنهم أنهم فعلوه من السجود
لآدم ، فأخرجه من الصفة التي وصفهم بها من الطاعة لأمره ، ونفى عنه ما أثبته لملائكته من السجود لعبده
آدم .
ثم اختلف أهل التأويل فيه : هل هو من الملائكة ، أم هو من غيرها ؟ فقال بعضهم بما :
685 - حدثنا به
أبو كريب ، قال : حدثنا
عثمان بن سعيد ، عن
بشر بن عمارة ، عن
أبي روق ، عن
الضحاك ، عن
ابن عباس قال : كان إبليس من حي من أحياء الملائكة يقال لهم " الحن " خلقوا من نار السموم من بين الملائكة . قال : فكان اسمه الحارث . قال : وكان خازنا من خزان الجنة . قال :
وخلقت الملائكة من نور غير هذا الحي . قال :
وخلقت الجن الذي ذكروا في القرآن من مارج من نار ، وهو لسان النار الذي يكون في طرفها إذا التهبت .
686 - وحدثنا
ابن حميد ، قال : حدثنا
سلمة ، عن
ابن إسحاق ، عن
خلاد ، عن
عطاء ، عن
طاوس ، عن
ابن عباس . قال : كان إبليس قبل أن يركب المعصية من الملائكة اسمه " عزازيل " وكان من سكان الأرض ، وكان من أشد الملائكة
[ ص: 503 ] اجتهادا وأكثرهم علما ، فذلك دعاه إلى الكبر ، وكان من حي يسمون جنا .
687 - وحدثنا به
ابن حميد مرة أخرى ، قال : حدثنا
سلمة ، عن
ابن إسحاق ، عن
خلاد ، عن
عطاء ، عن
طاوس ، أو
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد أبي الحجاج ، عن
ابن عباس وغيره بنحوه ، إلا أنه قال : كان ملكا من الملائكة اسمه " عزازيل " وكان من سكان الأرض وعمارها ، وكان سكان الأرض فيهم يسمون " الجن " من بين الملائكة .
688 - وحدثني
موسى بن هارون ، قال : حدثنا
عمرو بن حماد ، قال : حدثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي في خبر ذكره ، عن
أبي مالك ، وعن
أبي صالح ، عن
ابن عباس - وعن
مرة ، عن
ابن مسعود ، وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : جعل إبليس على ملك سماء الدنيا ، وكان من قبيلة من الملائكة يقال لهم " الجن " وإنما سموا الجن لأنهم خزان الجنة . وكان إبليس مع ملكه خازنا .
689 - وحدثنا
القاسم بن الحسن ، قال : حدثنا
حسين ، قال : حدثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، قال : قال
ابن عباس : كان إبليس من أشراف الملائكة وأكرمهم قبيلة ، وكان خازنا على الجنان ، وكان له سلطان سماء الدنيا ، وكان له سلطان الأرض . قال : قال
ابن عباس : وقوله : (
كان من الجن ) [ سورة الكهف : 50 ] إنما يسمى بالجنان أنه كان خازنا عليها ، كما يقال للرجل مكي ومدني وكوفي وبصري . .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، وقال آخرون : هم سبط من الملائكة قبيله ، فكان اسم قبيلته الجن .
[ ص: 504 ]
690 - وحدثنا
القاسم ، قال : حدثنا
الحسين ، قال : حدثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
صالح مولى التوأمة ، nindex.php?page=showalam&ids=16100وشريك بن أبي نمر - أحدهما أو كلاهما - عن
ابن عباس ، قال : إن من الملائكة قبيلة من الجن ، وكان إبليس منها ، وكان يسوس ما بين السماء والأرض .
691 - وحدثت عن
الحسن بن الفرج ، قال : سمعت
أبا معاذ الفضل بن خالد ، قال : أخبرنا
عبيد بن سليمان ، قال : سمعت
الضحاك بن مزاحم يقول في قوله : (
فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ) [ سورة الكهف : 50 ] ، قال : كان
ابن عباس يقول : إن إبليس كان من أشراف الملائكة وأكرمهم قبيلة . ثم ذكر مثل حديث
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج الأول سواء .
692 - وحدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12166محمد بن المثنى ، قال : حدثني
شيبان ، قال حدثنا
سلام بن مسكين ، عن
قتادة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب ، قال : كان إبليس رئيس ملائكة سماء الدنيا .
693 - وحدثنا
بشر بن معاذ ، قال : حدثنا
يزيد ، قال : حدثنا
سعيد ، عن
قتادة ، قوله : (
وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ) [ سورة الكهف : 50 ] كان من قبيل من الملائكة يقال لهم " الجن "
[ ص: 505 ] وكان
ابن عباس يقول : لو لم يكن من الملائكة لم يؤمر بالسجود ، وكان على خزانة سماء الدنيا ، قال : وكان قتادة يقول : جن عن طاعة ربه .
694 - وحدثنا
الحسين بن يحيى ، قال : أخبرنا
عبد الرزاق ، قال : أخبرنا
معمر ، عن
قتادة ، في قوله : "
إلا إبليس كان من الجن " قال : كان من قبيل من الملائكة يقال لهم الجن .
695 - وحدثنا
ابن حميد ، قال : حدثنا
سلمة ، قال : حدثنا محمد بن إسحاق ، قال : أما العرب فيقولون : ما الجن إلا كل من اجتن فلم ير . وأما قوله : " إلا إبليس من كان من الجن " أي كان من الملائكة ، وذلك أن الملائكة اجتنوا فلم يروا . وقد قال الله جل ثناؤه : (
وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا ولقد علمت الجنة إنهم لمحضرون ) [ سورة الصافات : 158 ] ، وذلك لقول
قريش : إن الملائكة بنات الله ، فيقول الله : إن تكن الملائكة بناتي فإبليس منها ، وقد جعلوا بيني وبين إبليس وذريته نسبا . قال : وقد قال
الأعشى ، أعشى بني قيس بن ثعلبة البكري ، وهو يذكر
سليمان بن داود وما أعطاه الله :
ولو كان شيء خالدا أو معمرا لكان سليمان البريء من الدهر [ ص: 506 ] براه إلهي واصطفاه عباده
وملكه ما بين ثريا إلى مصر وسخر من جن الملائك تسعة
قياما لديه يعملون بلا أجر
قال : فأبت العرب في لغتها إلا أن " الجن " كل ما اجتن . يقول : ما سمى الله الجن إلا أنهم اجتنوا فلم يروا ، وما سمى بني آدم الإنس إلا أنهم ظهروا فلم يجتنوا . فما ظهر فهو إنس ، وما اجتن فلم ير فهو جن .
وقال آخرون بما :
696 - حدثنا به
nindex.php?page=showalam&ids=15573محمد بن بشار ، قال : حدثنا
ابن أبي عدي ، عن
عوف ، عن
الحسن ، قال : ما كان إبليس من الملائكة طرفة عين قط ، وإنه لأصل الجن ، كما أن
آدم أصل الإنس .
697 - وحدثنا
بشر بن معاذ ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17360يزيد بن زريع ، قال : حدثنا
سعيد ، عن
قتادة ، قال : كان الحسن يقول في قوله : "
إلا إبليس كان من الجن " ألجأه إلى نسبه فقال الله : (
أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو بئس للظالمين بدلا ) [ سورة الكهف : 50 ] ، وهم يتوالدون كما يتوالد بنو آدم .
698 - وحدثنا
ابن حميد ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11953يحيى بن واضح ، قال : حدثنا
[ ص: 507 ] أبو سعيد اليحمدي ، حدثنا
إسماعيل بن إبراهيم ، قال : حدثنا
سوار بن الجعد اليحمدي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16128شهر بن حوشب ، قوله : " من الجن " قال : كان إبليس من الجن الذين طردتهم الملائكة ، فأسره بعض الملائكة فذهب به إلى السماء .
699 - وحدثني
علي بن الحسين ، قال : حدثني
أبو نصر أحمد بن محمد الخلال ، قال : حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=16061سنيد بن داود ، قال حدثنا
هشيم ، قال أخبرنا
عبد الرحمن بن يحيى ، عن
موسى بن نمير ، وعثمان بن سعيد بن كامل ، عن
سعد بن مسعود ، قال : كانت الملائكة تقاتل الجن ، فسبي إبليس وكان صغيرا ، فكان مع الملائكة فتعبد معها ، فلما أمروا بالسجود
لآدم سجدوا . فأبى إبليس . فلذلك قال الله : "
إلا إبليس كان من الجن "
700 - وحدثنا
ابن حميد ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13655سلمة بن الفضل ، قال : حدثنا
المبارك بن مجاهد أبو الأزهر ، عن
شريك بن عبد الله بن أبي نمر ، عن
صالح مولى التوأمة ، عن
ابن عباس ، قال : إن من الملائكة قبيلا يقال لهم : الجن ، فكان إبليس منهم ، وكان إبليس يسوس ما بين السماء والأرض ، فعصى ، فمسخه الله شيطانا رجيما .
701 - قال : وحدثنا
يونس ، عن
ابن وهب ، قال : قال
ابن زيد : إبليس أبو الجن ، كما
آدم أبو الإنس .
وعلة من قال هذه المقالة ، أن الله جل ثناؤه أخبر في كتابه أنه خلق إبليس من نار السموم ، ومن مارج من نار ، ولم يخبر عن الملائكة أنه خلقها من شيء من ذلك ، وأن الله جل ثناؤه أخبر أنه من الجن - فقالوا : فغير جائز أن ينسب إلى غير ما نسبه الله إليه . قالوا : ولإبليس نسل وذرية ،
والملائكة لا تتناسل ولا تتوالد .
[ ص: 508 ]
702 - حدثنا
محمد بن سنان القزاز ، قال : حدثنا
أبو عاصم ، عن
شريك ، عن رجل ، عن
عكرمة ، عن
ابن عباس ، قال : إن الله خلق خلقا ، فقال : اسجدوا
لآدم : فقالوا : لا نفعل . فبعث الله عليهم نارا تحرقهم ، ثم خلق خلقا آخر ، فقال : إني خالق بشرا من طين ، اسجدوا
لآدم . فأبوا ، فبعث الله عليهم نارا فأحرقتهم . قال : ثم خلق هؤلاء ، فقال : اسجدوا
لآدم . فقالوا : نعم . وكان إبليس من أولئك الذين أبوا أن يسجدوا
لآدم .
قال
أبو جعفر : وهذه علل تنبئ عن ضعف معرفة أهلها . وذلك أنه غير مستنكر أن يكون الله جل ثناؤه خلق أصناف ملائكته من أصناف من خلقه شتى . فخلق بعضا من نور ، وبعضا من نار ، وبعضا مما شاء من غير ذلك . وليس في ترك الله جل ثناؤه الخبر عما خلق منه ملائكته ، وإخباره عما خلق منه إبليس - ما يوجب أن يكون إبليس خارجا عن معناهم . إذ كان جائزا أن يكون خلق صنفا من ملائكته من نار كان منهم إبليس ، وأن يكون أفرد إبليس بأن خلقه من نار السموم دون سائر ملائكته . وكذلك غير مخرجه أن يكون كان من الملائكة بأن كان له نسل وذرية ، لما ركب فيه من الشهوة واللذة التي نزعت من سائر الملائكة ، لما أراد الله به من المعصية . وأما خبر الله عن أنه " من الجن " فغير مدفوع أن يسمى ما اجتن من الأشياء عن الأبصار كلها جنا - كما قد ذكرنا قبل في شعر
الأعشى - فيكون إبليس والملائكة منهم ، لاجتنانهم عن أبصار بني آدم .
[ ص: 509 ]
القول في معنى ( إبليس )
قال
أبو جعفر : وإبليس " إفعيل " من الإبلاس ، وهو الإياس من الخير والندم والحزن . كما :
703 - حدثنا به
أبو كريب ، قال : حدثنا
عثمان بن سعيد ، قال : حدثنا
بشر بن عمارة ، عن
أبي روق ، عن
الضحاك ، عن
ابن عباس ، قال : إبليس ، أبلسه الله من الخير كله ، وجعله شيطانا رجيما عقوبة لمعصيته .
704 - وحدثنا
موسى بن هارون ، قال : حدثنا
عمرو بن حماد ، قال : حدثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي ، قال : كان اسم إبليس " الحارث " وإنما سمي إبليس حين أبلس متحيرا .
قال
أبو جعفر : وكما قال الله جل ثناؤه : (
فإذا هم مبلسون ) [ سورة الأنعام : 44 ] ، يعني به : أنهم آيسون من الخير ، نادمون حزنا ، كما قال
العجاج :
يا صاح هل تعرف رسما مكرسا قال نعم أعرفه وأبلسا
[ ص: 510 ]
وقال
رؤبة :
وحضرت يوم الخميس الأخماس وفي الوجوه صفرة وإبلاس
يعني به اكتئابا وكسوفا .
فإن قال قائل : فإن كان إبليس ، كما قلت ، " إفعيل " من الإبلاس ، فهلا صرف وأجري ؟ قيل : ترك إجراؤه استثقالا إذ كان اسما لا نظير له من أسماء العرب ، فشبهته العرب - إذ كان كذلك - بأسماء العجم التي لا تجرى . وقد قالوا : مررت بإسحاق ، فلم يجروه . وهو من " أسحقه الله إسحاقا " إذ كان وقع مبتدأ اسما لغير العرب ، ثم تسمت به العرب فجرى مجراه - وهو من أسماء العجم - في الإعراب فلم يصرف . وكذلك " أيوب " إنما هو " فيعول " من " آب يؤوب "
وتأويل قوله : " أبى " يعني جل ثناؤه بذلك إبليس ، أنه امتنع من السجود
لآدم فلم يسجد له . " واستكبر " يعني بذلك أنه تعظم وتكبر عن طاعة الله في السجود
لآدم . وهذا ، وإن كان من الله جل ثناؤه خبرا عن إبليس ، فإنه تقريع لضربائه من خلق الله الذين يتكبرون عن الخضوع لأمر الله ، والانقياد لطاعته فيما أمرهم به وفيما نهاهم عنه ، والتسليم له فيما أوجب لبعضهم على بعض من الحق . وكان ممن تكبر عن الخضوع لأمر الله ، والتذلل لطاعته ، والتسليم لقضائه فيما ألزمهم من حقوق غيرهم - اليهود الذين كانوا بين ظهراني مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأحبارهم الذين كانوا برسول الله صلى الله عليه وسلم وصفته عارفين ، وبأنه لله رسول عالمين . ثم استكبروا - مع علمهم بذلك - عن الإقرار بنبوته ، والإذعان لطاعته ، بغيا منهم له وحسدا . فقرعهم الله بخبره عن إبليس
[ ص: 511 ] الذي فعل في استكباره عن السجود
لآدم حسدا له وبغيا ، نظير فعلهم في
التكبر عن الإذعان لمحمد نبي الله صلى الله عليه وسلم ونبوته ، إذ جاءهم بالحق من عند ربهم حسدا وبغيا .
ثم وصف إبليس بمثل الذي وصف به الذين ضربه لهم مثلا في الاستكبار والحسد والاستنكاف عن الخضوع لمن أمره الله بالخضوع له ، فقال جل ثناؤه : " وكان " يعني إبليس " من الكافرين " من الجاحدين نعم الله عليه وأياديه عنده ، بخلافه عليه فيما أمره به من السجود
لآدم ، كما كفرت اليهود نعم ربها التي آتاها وآباءها قبل : من إطعام الله أسلافهم المن والسلوى ، وإظلال الغمام عليهم ، وما لا يحصى من نعمه التي كانت لهم ، خصوصا ما خص الذين أدركوا
محمدا صلى الله عليه وسلم بإدراكهم إياه ، ومشاهدتهم حجة الله عليهم ، فجحدت نبوته بعد علمهم به ، ومعرفتهم بنبوته حسدا وبغيا . فنسبه الله جل ثناؤه إلى " الكافرين " فجعله من عدادهم في الدين والملة ، وإن خالفهم في الجنس والنسبة . كما جعل أهل النفاق بعضهم من بعض ، لاجتماعهم على النفاق ، وإن اختلفت أنسابهم وأجناسهم ، فقال : (
المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض ) [ سورة التوبة : 67 ] يعني بذلك أن بعضهم من بعض في النفاق والضلال . فكذلك قوله في إبليس : كان من الكافرين ، كان منهم في الكفر بالله ومخالفته أمره ، وإن كان مخالفا جنسه أجناسهم ونسبه نسبهم . ومعنى قوله : "
وكان من الكافرين " أنه كان - حين أبى عن السجود - من الكافرين حينئذ .
وقد روي عن
الربيع بن أنس ، عن
أبي العالية أنه كان يقول : في تأويل قوله : "
وكان من الكافرين " في هذا الموضع ، وكان من العاصين .
705 - حدثني
المثنى بن إبراهيم ، قال : حدثنا
آدم العسقلاني ، قال : حدثنا
أبو جعفر ، عن
الربيع ، عن
أبي العالية ، في قوله : "
وكان من الكافرين " يعني العاصين .
[ ص: 512 ]
706 - وحدثت عن
عمار بن الحسن ، قال حدثنا
عبد الله بن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن
الربيع ، بمثله .
وذلك شبيه بمعنى قولنا فيه .
وكان
سجود الملائكة لآدم تكرمة لآدم وطاعة لله ، لا عبادة لآدم ، كما :
707 - حدثنا به
بشر بن معاذ : قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17360يزيد بن زريع ، قال : حدثنا
سعيد ، عن
قتادة ، قوله : "
وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم " فكانت الطاعة لله ، والسجدة لآدم ، أكرم الله آدم أن أسجد له ملائكته . .