القول في تأويل قوله تعالى ذكره : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=35وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة )
قال
أبو جعفر : وفي هذه الآية دلالة واضحة على صحة قول من قال : إن
nindex.php?page=treesubj&link=31769_31771إبليس أخرج من الجنة بعد الاستكبار عن السجود لآدم ، وأسكنها
آدم قبل أن يهبط إبليس إلى الأرض . ألا تسمعون الله جل ثناؤه يقول : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=35وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه " فقد تبين أن إبليس إنما أزلهما عن طاعة الله بعد أن لعن وأظهر التكبر ، لأن سجود الملائكة
لآدم كان بعد أن نفخ فيه الروح ، وحينئذ كان امتناع إبليس من السجود له ، وعند الامتناع من ذلك حلت عليه اللعنة . كما :
708 - حدثني به
موسى بن هارون ، قال : حدثنا
عمرو بن حماد ، قال : حدثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي في خبر ذكره ، عن
أبي مالك وعن
أبي صالح ، عن
[ ص: 513 ] ابن عباس ، وعن
مرة ، عن
ابن مسعود ، وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : أن
nindex.php?page=treesubj&link=31772عدو الله إبليس أقسم بعزة الله ليغوين آدم وذريته وزوجه ، إلا عباده المخلصين منهم ، بعد أن لعنه الله ، وبعد أن أخرج من الجنة ، وقبل أن يهبط إلى الأرض . وعلم الله
آدم الأسماء كلها .
709 - وحدثنا
ابن حميد ، قال : حدثنا
سلمة ، عن
ابن إسحاق ، قال : لما فرغ الله من إبليس ومعاتبته ، وأبى إلا المعصية وأوقع عليه اللعنة ، ثم أخرجه من الجنة ، أقبل على
آدم وقد علمه الأسماء كلها ، فقال : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=33يا آدم أنبئهم بأسمائهم " إلى قوله "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=32إنك أنت العليم الحكيم "
ثم اختلف أهل التأويل في
nindex.php?page=treesubj&link=31808الحال التي خلقت لآدم زوجته ، والوقت الذي جعلت له سكنا . فقال
ابن عباس بما :
710 - حدثني به
موسى بن هارون ، قال : حدثنا
عمرو بن حماد ، قال : حدثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي في خبر ذكره ، عن
أبي مالك ، وعن
أبي صالح ، عن
ابن عباس ، وعن
مرة ، عن
ابن مسعود ، وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : فأخرج إبليس من الجنة حين لعن ، وأسكن
آدم الجنة . فكان يمشي فيها وحشا ليس له زوج يسكن إليها ، فنام نومة فاستيقظ ، وإذا عند رأسه امرأة قاعدة خلقها الله من ضلعه ، فسألها : من أنت ؟ فقالت : امرأة . قال : ولم خلقت ؟ قالت : تسكن إلي . قالت له الملائكة - ينظرون ما بلغ علمه : ما اسمها يا
آدم ؟ قال :
حواء . قالوا : ولم سميت
حواء ؟ قال : لأنها خلقت من شيء حي . فقال الله له : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=35يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما "
[ ص: 514 ]
فهذا الخبر ينبئ أن
حواء خلقت بعد أن سكن
آدم الجنة ، فجعلت له سكنا .
وقال آخرون : بل خلقت قبل أن يسكن
آدم الجنة .
ذكر من قال ذلك :
711 - حدثنا
ابن حميد ، قال : حدثنا
سلمة ، عن
ابن إسحاق ، قال : لما فرغ الله من معاتبة إبليس ، أقبل على
آدم وقد علمه الأسماء كلها فقال : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=33يا آدم أنبئهم بأسمائهم " إلى قوله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=32إنك أنت العليم الحكيم " قال : ثم ألقى السنة على
آدم - فيما بلغنا عن أهل الكتاب من أهل التوراة ، وغيرهم من أهل العلم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11عبد الله بن عباس وغيره - ثم أخذ ضلعا من أضلاعه من شقه الأيسر ، ولأم مكانه لحما ،
وآدم نائم لم يهب من نومته ، حتى خلق الله من ضلعه تلك زوجته
حواء ، فسواها امرأة ليسكن إليها . فلما كشف عنه السنة وهب من نومته ، رآها إلى جنبه ، فقال ، فيما يزعمون والله أعلم : لحمي ودمي وزوجتي ، فسكن إليها . فلما زوجه الله تبارك وتعالى ، وجعل له سكنا من نفسه ، قال له ، قبيلا "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=35nindex.php?page=treesubj&link=31809_28973يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين "
قال
أبو جعفر : ويقال لامرأة الرجل : زوجه وزوجته ، والزوجة بالهاء أكثر في كلام العرب منها بغير الهاء . والزوج بغير الهاء يقال إنه لغة
لأزد شنوءة . فأما الزوج الذي لا اختلاف فيه بين العرب ، فهو زوج المرأة .
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=35وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ )
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ دَلَالَةٌ وَاضِحَةٌ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِ مَنْ قَالَ : إِنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=31769_31771إِبْلِيسَ أُخْرِجَ مِنَ الْجَنَّةِ بَعْدَ الِاسْتِكْبَارِ عَنِ السُّجُودِ لِآدَمَ ، وَأُسْكِنَهَا
آدَمُ قَبْلَ أَنْ يَهْبِطَ إِبْلِيسُ إِلَى الْأَرْضِ . أَلَّا تَسْمَعُونَ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ يَقُولُ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=35وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ " فَقَدْ تَبَيَّنَ أَنَّ إِبْلِيسَ إِنَّمَا أَزَلَّهُمَا عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ بَعْدَ أَنْ لُعِنَ وَأَظْهَرَ التَّكَبُّرَ ، لِأَنَّ سُجُودَ الْمَلَائِكَةِ
لِآدَمَ كَانَ بَعْدَ أَنْ نُفِخَ فِيهِ الرُّوحُ ، وَحِينَئِذٍ كَانَ امْتِنَاعُ إِبْلِيسَ مِنَ السُّجُودِ لَهُ ، وَعِنْدَ الِامْتِنَاعِ مِنْ ذَلِكَ حَلَّتْ عَلَيْهِ اللَّعْنَةُ . كَمَا :
708 - حَدَّثَنِي بِهِ
مُوسَى بْنُ هَارُونَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
عَمْرُو بْنُ حَمَّادٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
أَسْبَاطٌ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيِّ فِي خَبَرٍ ذَكَرَهُ ، عَنْ
أَبِي مَالِكٍ وَعَنْ
أَبِي صَالِحٍ ، عَنِ
[ ص: 513 ] ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَعَنْ
مُرَّةَ ، عَنِ
ابْنِ مَسْعُودٍ ، وَعَنْ نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=31772عَدُوَّ اللَّهِ إِبْلِيسَ أَقْسَمَ بِعِزَّةِ اللَّهِ لِيُغْوِيَنَّ آدَمَ وَذُرِّيَّتَهُ وَزَوْجَهُ ، إِلَّا عِبَادَهُ الْمُخْلَصِينَ مِنْهُمْ ، بَعْدَ أَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ ، وَبَعْدَ أَنْ أُخْرِجَ مِنَ الْجَنَّةِ ، وَقَبْلَ أَنْ يَهْبِطَ إِلَى الْأَرْضِ . وَعَلَّمَ اللَّهُ
آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا .
709 - وَحَدَّثَنَا
ابْنُ حُمَيْدٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
سَلَمَةُ ، عَنِ
ابْنِ إِسْحَاقَ ، قَالَ : لَمَّا فَرَغَ اللَّهُ مِنْ إِبْلِيسَ وَمُعَاتَبَتِهِ ، وَأَبَى إِلَّا الْمَعْصِيَةَ وَأَوْقَعَ عَلَيْهِ اللَّعْنَةَ ، ثُمَّ أَخْرَجَهُ مِنَ الْجَنَّةِ ، أَقْبَلَ عَلَى
آدَمَ وَقَدْ عَلَّمَهُ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ، فَقَالَ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=33يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ " إِلَى قَوْلِهِ "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=32إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ "
ثُمَّ اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=31808الْحَالِ الَّتِي خُلِقَتْ لِآدَمَ زَوْجَتُهُ ، وَالْوَقْتِ الَّذِي جُعِلَتْ لَهُ سَكَنًا . فَقَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ بِمَا :
710 - حَدَّثَنِي بِهِ
مُوسَى بْنُ هَارُونَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
عَمْرُو بْنُ حَمَّادٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
أَسْبَاطٌ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيِّ فِي خَبَرٍ ذَكَرَهُ ، عَنْ
أَبِي مَالِكٍ ، وَعَنْ
أَبِي صَالِحٍ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَعَنْ
مُرَّةَ ، عَنِ
ابْنِ مَسْعُودٍ ، وَعَنْ نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَأُخْرِجَ إِبْلِيسُ مِنَ الْجَنَّةِ حِينَ لُعِنَ ، وَأُسْكِنَ
آدَمُ الْجَنَّةَ . فَكَانَ يَمْشِي فِيهَا وَحْشًا لَيْسَ لَهُ زَوْجٌ يَسْكُنُ إِلَيْهَا ، فَنَامَ نَوْمَةً فَاسْتَيْقَظَ ، وَإِذَا عِنْدَ رَأْسِهِ امْرَأَةٌ قَاعِدَةٌ خَلَقَهَا اللَّهُ مِنْ ضِلْعِهِ ، فَسَأَلَهَا : مَنْ أَنْتِ ؟ فَقَالَتْ : امْرَأَةٌ . قَالَ : وَلِمَ خَلِقْتِ ؟ قَالَتْ : تَسْكُنُ إِلَيَّ . قَالَتْ لَهُ الْمَلَائِكَةُ - يَنْظُرُونَ مَا بَلَغَ عِلْمُهُ : مَا اسْمُهَا يَا
آدَمُ ؟ قَالَ :
حَوَّاءُ . قَالُوا : وَلِمَ سُمِّيَتْ
حَوَّاءُ ؟ قَالَ : لِأَنَّهَا خُلِقَتْ مِنْ شَيْءٍ حَيٍّ . فَقَالَ اللَّهُ لَهُ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=35يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا "
[ ص: 514 ]
فَهَذَا الْخَبَرُ يُنْبِئُ أَنَّ
حَوَّاءَ خُلِقَتْ بَعْدَ أَنْ سَكَنَ
آدَمُ الْجَنَّةَ ، فَجُعِلَتْ لَهُ سَكَنًا .
وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ خُلِقَتْ قَبْلَ أَنْ يَسْكُنَ
آدَمُ الْجَنَّةَ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
711 - حَدَّثَنَا
ابْنُ حُمَيْدٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
سَلَمَةُ ، عَنِ
ابْنِ إِسْحَاقَ ، قَالَ : لَمَّا فَرَغَ اللَّهُ مِنْ مُعَاتَبَةِ إِبْلِيسَ ، أَقْبَلَ عَلَى
آدَمَ وَقَدْ عَلَّمَهُ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا فَقَالَ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=33يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ " إِلَى قَوْلِهِ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=32إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ " قَالَ : ثُمَّ أَلْقَى السِّنَةَ عَلَى
آدَمَ - فِيمَا بَلَغَنَا عَنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ أَهْلِ التَّوْرَاةِ ، وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ - ثُمَّ أَخَذَ ضِلَعًا مِنْ أَضْلَاعِهِ مِنْ شِقِّهِ الْأَيْسَرِ ، وَلَأَمَ مَكَانَهُ لَحْمًا ،
وَآدَمُ نَائِمٌ لَمْ يَهُبَّ مِنْ نَوْمَتِهِ ، حَتَّى خَلَقَ اللَّهُ مِنْ ضِلْعِهِ تِلْكَ زَوْجَتَهُ
حَوَّاءَ ، فَسَوَّاهَا امْرَأَةً لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا . فَلَمَّا كُشِفَ عَنْهُ السِّنَةُ وَهَبَّ مِنْ نَوْمَتِهِ ، رَآهَا إِلَى جَنْبِهِ ، فَقَالَ ، فِيمَا يَزْعُمُونَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ : لَحْمِي وَدَمِي وَزَوْجَتِي ، فَسَكَنَ إِلَيْهَا . فَلَمَّا زَوَّجَهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ، وَجَعَلَ لَهُ سَكَنًا مِنْ نَفْسِهِ ، قَالَ لَهُ ، قُبَيْلًا "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=35nindex.php?page=treesubj&link=31809_28973يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ "
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : وَيُقَالُ لِامْرَأَةِ الرَّجُلِ : زَوْجُهُ وَزَوْجَتُهُ ، وَالزَّوْجَةُ بِالْهَاءِ أَكْثَرُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ مِنْهَا بِغَيْرِ الْهَاءِ . وَالزَّوْجُ بِغَيْرِ الْهَاءِ يُقَالُ إِنَّهُ لُغَةٌ
لِأَزْدِ شَنُوءَةَ . فَأَمَّا الزَّوْجُ الَّذِي لَا اخْتِلَافَ فِيهِ بَيْنَ الْعَرَبِ ، فَهُوَ زَوْجُ الْمَرْأَةِ .