[ ص: 586 ] القول في تأويل
قوله ( وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها )
قال
أبو جعفر : يعني - جل ثناؤه - بقوله : " وإذا حييتم بتحية " إذا دعي لكم بطول الحياة والبقاء والسلامة "
فحيوا بأحسن منها أو ردوها " يقول : فادعوا لمن دعا لكم بذلك بأحسن مما دعا لكم أو ردوها " يقول : أو ردوا التحية .
ثم اختلف أهل التأويل في صفة " التحية " التي هي أحسن مما حيي به المحيا ، والتي هي مثلها .
فقال بعضهم : التي هي أحسن منها : أن يقول المسلم عليه إذا قيل : " السلام عليكم " : وعليكم السلام ورحمة الله ، ويزيد على دعاء الداعي له . والرد أن يقول : السلام عليكم مثلها . كما قيل له ، أو يقول : وعليكم السلام ، فيدعو للداعي له مثل الذي دعا له .
ذكر من قال ذلك :
10033 - حدثني
محمد بن الحسين قال : حدثنا
أحمد بن مفضل قال : حدثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي :
وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها : يقول : إذا سلم عليك أحد فقل أنت : " وعليك السلام ورحمة الله " ، أو تقطع إلى " السلام عليك " كما قال لك .
10034 - حدثنا
القاسم قال : حدثنا
الحسين قال : حدثني
حجاج ،
[ ص: 587 ] عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
عطاء قوله :
وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها قال : في أهل الإسلام .
10035 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
سويد قال : أخبرنا
ابن المبارك ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج فيما قرئ عليه ، عن
عطاء قال : في أهل الإسلام .
10036 - حدثنا
ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن
سفيان ، عن
أبي إسحاق ، عن
شريح أنه كان يرد : السلام عليكم كما يسلم عليه .
10037 - حدثنا
ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن
ابن عون nindex.php?page=showalam&ids=12428وإسماعيل بن أبي خالد ، عن
إبراهيم أنه كان يرد : السلام عليكم ورحمة الله .
10038 - حدثنا
ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن
سفيان ، عن
عطية ، عن
ابن عمر : أنه كان يرد : وعليكم .
وقال آخرون : بل معنى ذلك : فحيوا بأحسن منها أهل الإسلام ، أو ردوها على أهل الكفر .
ذكر من قال ذلك :
10039 - حدثني
إسحاق بن إبراهيم بن حبيب بن الشهيد قال : حدثنا
حميد بن عبد الرحمن ، عن
الحسن بن صالح ، عن
سماك ، عن
عكرمة ، عن
ابن عباس قال : من سلم عليك من خلق الله فاردد عليه وإن كان مجوسيا ، فإن الله يقول :
وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها " .
10040 - حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15573محمد بن بشار قال : حدثنا
سالم بن نوح قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12514سعيد بن أبي عروبة ، عن
قتادة في قوله :
وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها : للمسلمين " أو ردوها " على أهل الكتاب .
10041 - حدثنا
بشر بن معاذ قال : حدثنا
يزيد قال : حدثنا
سعيد ،
[ ص: 588 ] عن
قتادة في قوله :
وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها للمسلمين " أو ردوها " على أهل الكتاب .
10042 - حدثنا
بشر بن معاذ قال : حدثنا
يزيد قال : حدثنا
سعيد ، عن
قتادة قوله :
وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها : يقول : حيوا أحسن منها أي : على المسلمين " أو ردوها " أي : على أهل الكتاب .
10043 - حدثني
يونس قال : أخبرنا
ابن وهب قال :
ابن زيد في قوله :
وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها قال : قال أبي : حق على كل مسلم حيي بتحية أن يحيي بأحسن منها ، وإذا حياه غير أهل الإسلام أن يرد عليه مثل ما قال .
قال
أبو جعفر : وأولى التأويلين بتأويل الآية قول من قال : ذلك في أهل الإسلام ، ووجه معناه إلى أنه يرد السلام على المسلم إذا حياه تحية أحسن من تحيته أو مثلها ؛ وذلك أن الصحاح من الآثار عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه واجب على كل مسلم رد تحية كل كافر بأخس من تحيته . وقد أمر الله برد الأحسن والمثل في هذه الآية من غير تمييز منه بين المستوجب رد الأحسن من تحيته عليه ، والمردود عليه مثلها بدلالة يعلم بها صحة قول من قال : عنى برد الأحسن المسلم ، وبرد المثل أهل الكفر .
والصواب إذ لم يكن في الآية دلالة على صحة ذلك ، ولا صحة أثر لازم عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن يكون الخيار في ذلك إلى المسلم عليه : بين رد الأحسن أو المثل ، إلا في الموضع الذي خص شيئا من ذلك سنة من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيكون مسلما لها . وقد خصت السنة أهل الكفر بالنهي عن رد الأحسن
[ ص: 589 ] من تحيتهم عليهم أو مثلها ، إلا بأن يقال : وعليكم . فلا ينبغي لأحد أن يتعدى ما حد في ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأما أهل الإسلام ، فإن لمن سلم عليه منهم في الرد من الخيار ما جعل الله له من ذلك .
وقد روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في تأويل ذلك بنحو الذي قلنا خبر . وذلك ما : -
10044 - حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=12106موسى بن سهل الرملي قال : حدثنا
عبد الله بن السري الأنطاكي قال : حدثنا
هشام بن لاحق ، عن
عاصم الأحول ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12081أبي عثمان النهدي ، عن
سلمان الفارسي قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=812079جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : السلام عليك يا رسول الله ، فقال : وعليك ورحمة الله . ثم جاء آخر فقال : السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله ، فقال له رسول الله : وعليك ورحمة الله وبركاته . ثم جاء آخر فقال : السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته ، فقال له : وعليك . فقال له الرجل : يا نبي الله بأبي أنت وأمي ، أتاك فلان وفلان فسلما عليك ، فرددت عليهما أكثر مما رددت علي ! فقال : إنك لم تدع لنا شيئا ، قال الله : وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها : فرددناها عليك .
[ ص: 590 ]
فإن قال قائل : أفواجب رد التحية على ما أمر الله به في كتابه ؟
قيل : نعم ، وبه كان يقول جماعة من المتقدمين .
ذكر من قال ذلك :
10045 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
سويد قال : أخبرنا
ابن المبارك ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج قال : أخبرني
أبو الزبير : أنه سمع
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله يقول : ما رأيته إلا يوجبه : قوله
وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها .
10046 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
سويد بن نصر قال : أخبرنا
ابن المبارك ، عن
سفيان ، عن رجل ، عن
الحسن قال : السلام : تطوع ، والرد : فريضة .