القول في تأويل قوله (
يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم ( 54 ) )
قال
أبو جعفر : يعني تعالى ذكره بقوله : "
يجاهدون في سبيل الله " ، هؤلاء المؤمنين الذين وعد الله المؤمنين أن يأتيهم بهم إن ارتد منهم مرتد بدلا منهم ،
[ ص: 423 ] يجاهدون في قتال أعداء الله على النحو الذي أمر الله بقتالهم ، والوجه الذي أذن لهم به ، ويجاهدون عدوهم . فذلك مجاهدتهم في سبيل الله "
ولا يخافون لومة لائم " ، يقول : ولا يخافون في ذات الله أحدا ، ولا يصدهم عن العمل بما أمرهم الله به من قتال عدوهم لومة لائم لهم في ذلك .
وأما قوله : "
ذلك فضل الله " ، فإنه يعني هذا النعت الذي نعتهم به تعالى ذكره من أنهم أذلة على المؤمنين ، أعزة على الكافرين ، يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون في الله لومة لائم ، فضل الله الذي تفضل به عليهم ، والله يؤتي فضله من يشاء من خلقه منة عليه وتطولا "والله واسع " ، يقول : والله جواد بفضله على من جاد به عليه ، لا يخاف نفاد خزائنه فتتلف في عطائه "عليم " ، بموضع جوده وعطائه ، فلا يبذله إلا لمن استحقه ، ولا يبذل لمن استحقه إلا على قدر المصلحة ، لعلمه بموضع صلاحه له من موضع ضره .