القول في تأويل قوله (
كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون ( 125 ) )
قال
أبو جعفر : يقول تعالى ذكره : كما يجعل الله صدر من أراد إضلاله ضيقا حرجا ، كأنما يصعد في السماء من ضيقه عن الإيمان فيجزيه بذلك ، كذلك يسلط الله الشيطان عليه وعلى أمثاله ممن أبى الإيمان بالله ورسوله ، فيغويه ويصده عن سبيل الحق .
[ ص: 111 ]
وقد اختلف أهل التأويل في معنى " الرجس " .
فقال بعضهم : هو كل ما لا خير فيه .
ذكر من قال ذلك :
13878 - حدثني
محمد بن عمرو قال : حدثنا
أبو عاصم ، عن
عيسى ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد قال : " الرجس " ، ما لا خير فيه .
13879 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
أبو حذيفة قال : حدثنا
شبل ، عن
ابن أبي نحيح ، عن
مجاهد : (
يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون ) ، قال : ما لا خير فيه .
وقال آخرون : " الرجس " ، العذاب .
ذكر من قال ذلك :
13880 - حدثني
يونس قال : أخبرنا
ابن وهب قال : قال
ابن زيد : (
كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون ) ، قال : الرجس عذاب الله .
وقال آخرون : " الرجس " الشيطان .
ذكر من قال ذلك :
13881 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
عبد الله بن صالح قال : حدثني
معاوية بن صالح ، عن
علي بن أبي طلحة ، عن
ابن عباس قوله : ( الرجس ) ، قال : الشيطان .
وكان بعض أهل المعرفة بلغات
العرب من الكوفيين يقول : " الرجس " ، " والنجس " لغتان . ويحكى عن
العرب أنها تقول : " ما كان رجسا ، ولقد رجس رجاسة " و " نجس نجاسة " .
[ ص: 112 ]
وكان بعض نحويي البصريين يقول : " الرجس " و " الرجز " ، سواء ، وهما العذاب .
قال
أبو جعفر : والصواب من القول في ذلك عندي ما قاله
ابن عباس ، ومن قال إن " الرجس " و " النجس " واحد ، للخبر الذي روي
nindex.php?page=hadith&LINKID=810507عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول إذا دخل الخلاء : " اللهم إني أعوذ بك من الرجس النجس الخبيث المخبث الشيطان الرجيم " .
13882 - حدثني بذلك
عبد الرحمن بن البختري الطائي قال : حدثنا
عبد الرحمن بن محمد المحاربي ، عن
إسماعيل بن مسلم ، عن
الحسن وقتادة ، عن
أنس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم .
وقد بين هذا الخبر أن " الرجس " هو " النجس " ، القذر الذي لا خير فيه ، وأنه من صفة الشيطان .