القول في
تأويل قوله ( قل أمر ربي بالقسط وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد وادعوه مخلصين له الدين )
قال
أبو جعفر : يقول تعالى ذكره لنبيه : ( قل ) ، يا
محمد ، لهؤلاء الذين يزعمون أن الله أمرهم بالفحشاء كذبا على الله : ما أمر ربي بما تقولون ، بل (
أمر ربي بالقسط ) ، يعني : بالعدل ، كما : -
14469 - حدثني
المثنى قال ، حدثنا
أبو حذيفة قال ، حدثنا
شبل ، عن
[ ص: 380 ] ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد : (
قل أمر ربي بالقسط ) ، بالعدل .
14470 - حدثني
محمد بن الحسين قال ، حدثنا
أحمد بن المفضل قال ، حدثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : (
قل أمر ربي بالقسط ) ، والقسط : العدل .
وأما قوله : (
وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد ) ، فإن أهل التأويل اختلفوا في تأويله . فقال بعضهم : معناه : وجهوا وجوهكم حيث كنتم في الصلاة إلى الكعبة .
ذكر من قال ذلك :
14471 - حدثني
محمد بن عمرو قال ، حدثنا
أبو عاصم قال ، حدثنا
عيسى ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، في قول الله : (
وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد ) ، إلى الكعبة حيثما صليتم ، في الكنيسة وغيرها .
14472 - حدثني
المثنى قال ، حدثنا
أبو حذيفة قال ، حدثنا
شبل ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، في قوله : (
وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد ) ، قال : إذا صليتم فاستقبلوا الكعبة ، في كنائسكم وغيرها .
14473 - حدثني
محمد بن الحسين قال ، حدثنا
أحمد بن المفضل قال ، حدثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : (
وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد ) ، هو " المسجد " ، الكعبة .
14474 - حدثنا
المثنى قال ، حدثنا
إسحاق قال ، حدثنا
خالد بن عبد الرحمن ، عن
عمر بن ذر ، عن
مجاهد في قوله : (
وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد ) ، قال : الكعبة ، حيثما كنت .
14475 - حدثني
يونس قال ، أخبرنا
ابن وهب قال ، قال
ابن زيد في قوله : (
وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد ) ، قال : أقيموها للقبلة ، هذه القبلة التي أمركم الله بها .
[ ص: 381 ]
وقال آخرون : بل عنى بذلك : واجعلوا سجودكم لله خالصا ، دون ما سواه من الآلهة والأنداد .
ذكر من قال ذلك .
14476 - حدثني
المثنى قال ، حدثنا
إسحاق قال ، حدثنا
عبد الله بن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن
الربيع في قوله : (
وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد ) ، قال : في الإخلاص ، أن لا تدعوا غيره ، وأن تخلصوا له الدين .
قال
أبو جعفر : وأولى هذين التأويلين بتأويل الآية ، ما قاله
الربيع : وهو أن القوم أمروا أن يتوجهوا بصلاتهم إلى ربهم ، لا إلى ما سواه من الأوثان والأصنام ، وأن يجعلوا دعاءهم لله خالصا ، لا مكاء ولا تصدية .
وإنما قلنا ذلك أولى التأويلين بالآية ، لأن الله إنما خاطب بهذه الآية قوما من مشركي العرب ، لم يكونوا أهل كنائس وبيع ، وإنما كانت الكنائس والبيع لأهل الكتابين . فغير معقول أن يقال لمن لا يصلي في كنيسة ولا بيعة : " وجه وجهك إلى الكعبة في كنيسة أو بيعة " .
وأما قوله : (
وادعوه مخلصين له الدين ) ، فإنه يقول : واعملوا لربكم مخلصين له الدين والطاعة ، لا تخلطوا ذلك بشرك ، ولا تجعلوا في شيء مما تعملون له شريكا ، كما : -
14477 - حدثني
المثنى قال ، حدثنا
إسحاق قال ، حدثنا
عبد الله بن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن
الربيع : (
وادعوه مخلصين له الدين ) ، قال : أن تخلصوا له الدين والدعوة والعمل ، ثم توجهون إلى البيت الحرام .