القول في
تأويل قوله ( إنما أتبع ما يوحى إلي من ربي هذا بصائر من ربكم وهدى ورحمة لقوم يؤمنون ( 203 ) )
قال
أبو جعفر : يقول تعالى ذكره لنبيه
محمد صلى الله عليه وسلم : قل ، يا
محمد ، للقائلين لك إذا لم تأتهم بآية : " هلا أحدثتها من قبل نفسك ! " : إن ذلك ليس لي ، ولا يجوز لي فعله ، لأن الله إنما أمرني باتباع ما يوحى إلي من عنده ، فإنما أتبع ما يوحى إلي من ربي ، لأني عبده ، وإلى أمره أنتهي ، وإياه أطيع . (
هذا بصائر من ربكم ) ، يقول : هذا القرآن والوحي الذي أتلوه عليكم " بصائر من ربكم " ، يقول : حجج عليكم ، وبيان لكم من ربكم .
[ ص: 344 ]
واحدتها " بصيرة " ، كما قال جل ثناؤه : (
هذا بصائر للناس وهدى ورحمة لقوم يوقنون ) ، [ سورة الجاثية : 20 ] . .
وإنما ذكر " هذا " ووحد في قوله : (
هذا بصائر من ربكم ) ، لما وصفت من أنه مراد به القرآن والوحي .
وقوله : ( وهدى ) ، يقول :
وبيان يهدي المؤمنين إلى الطريق المستقيم ( ورحمة ) ، رحم الله به عباده المؤمنين ، فأنقذهم به من الضلالة والهلكة ( لقوم يؤمنون ) ، يقول : هو بصائر من الله وهدى ورحمة لمن آمن ، يقول : لمن صدق بالقرآن أنه تنزيل الله ووحيه ، وعمل بما فيه ، دون من كذب به وجحده وكفر به ، بل هو على الذين لا يؤمنون به عمى وخزي .