القول في
تأويل قوله ( واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والآصال ولا تكن من الغافلين ( 205 ) )
قال
أبو جعفر : يقول تعالى ذكره : ( واذكر ) أيها المستمع المنصت للقرآن ، إذا قرئ في صلاة أو خطبة ، ( ربك في نفسك ) ، يقول : اتعظ بما في آي القرآن ، واعتبر به ، وتذكر معادك إليه عند سماعكه ( تضرعا ) ، يقول : افعل ذلك تخشعا لله وتواضعا له . ( وخيفة ) ، يقول : وخوفا من الله أن يعاقبك على تقصير يكون منك في الاتعاظ به والاعتبار ، وغفلة عما بين الله فيه من حدوده . (
ودون الجهر من القول ) ، يقول : ودعاء باللسان لله في خفاء لا جهار . يقول : ليكن ذكر الله عند استماعك القرآن في دعاء إن دعوت غير جهار ، ولكن في خفاء من القول ، كما : -
[ ص: 354 ] 15619 - حدثني
يونس قال : أخبرنا
ابن وهب قال : قال
ابن زيد ، في قوله : (
واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول ) ، لا يجهر بذلك .
15620 - حدثني
الحارث قال : حدثنا
عبد العزيز قال : حدثنا
أبو سعد قال : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهدا يقول في قوله : (
واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول ) ، الآية قال : أمروا أن يذكروه في الصدور تضرعا وخيفة .
15621 - حدثنا
الحسن بن يحيى قال : أخبرنا
عبد الرزاق قال : أخبرنا
ابن التيمي ، عن أبيه ، عن
حيان بن عمير ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16531عبيد بن عمير ، في قوله : (
واذكر ربك في نفسك ) قال : " يقول الله إذا ذكرني عبدي في نفسه ، ذكرته في نفسي ، وإذا ذكرني عبدي وحده ذكرته وحدي ، وإذا ذكرني في ملإ ذكرته في أحسن منهم وأكرم " .
15622 - حدثنا
القاسم قال : حدثنا
الحسين قال : حدثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، قوله : (
واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة ) قال : يؤمر
بالتضرع في الدعاء والاستكانة ، ويكره
رفع الصوت والنداء والصياح بالدعاء .
وأما قوله : (
بالغدو والآصال ) ، فإنه يعني بالبكر والعشيات .
وأما " الآصال " فجمع ، واختلف أهل العربية فيها .
[ ص: 355 ] فقال بعضهم : هي جمع " أصيل " ، كما " الأيمان " جمع " يمين " ، و" الأسرار " جمع " سرير " .
وقال آخرون منهم : هي جمع " أصل " ، و" الأصل " جمع " أصيل " .
وقال آخرون منهم : هي جمع " أصل " و" أصيل " . قال : وإن شئت جعلت " الأصل " جمعا ل " الأصيل " ، وإن شئت جعلته واحدا . قال : والعرب تقول : " قد دنا الأصل " فيجعلونه واحدا .
قال
أبو جعفر : وهذا القول أولى بالصواب في ذلك ، وهو أنه جائز أن يكون جمع " أصيل " و" أصل " ؛ لأنهما قد يجمعان على أفعال . وأما " الآصال " ، فهي فيما يقال في كلام العرب : ما بين العصر إلى المغرب .
وأما قوله : (
ولا تكن من الغافلين ) ، فإنه يقول : ولا تكن من اللاهين إذا قرئ القرآن عن عظاته وعبره ، وما فيه من عجائبه ، ولكن تدبر ذلك وتفهمه ، وأشعره قلبك بذكر لله ، وخضوع له ، وخوف من قدرة الله عليك ، إن أنت غفلت عن ذلك .
15623 - حدثني
يونس قال : أخبرنا
ابن وهب قال : قال
ابن زيد ، في قوله : (
بالغدو والآصال ) قال : بالبكر والعشي (
ولا تكن من الغافلين ) .
15624 - حدثني
الحارث قال : حدثنا
عبد العزيز قال : حدثنا
معرف بن واصل السعدي ، قال : سمعت
أبا وائل يقول لغلامه عند مغيب الشمس : آصلنا بعد ؟
[ ص: 356 ]
15625 - حدثنا
القاسم قال : حدثنا
الحسين قال : حدثني
حجاج قال : قال
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج قال
مجاهد ، قوله : ( بالغدو والآصال ) قال : " الغدو " ، آخر الفجر ، صلاة الصبح ( والآصال ) ، آخر العشي ، صلاة العصر . قال : وكل ذلك لها وقت أول الفجر وآخره . وذلك مثل قوله في " سورة آل عمران " : (
واذكر ربك كثيرا وسبح بالعشي والإبكار ) ، [ سورة آل عمران : 41 ] . وقيل : " العشي " : ميل الشمس إلى أن تغيب ، و" الإبكار " : أول الفجر .
15626 - حدثنا
ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن
محمد بن شريك ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12531ابن أبي مليكة ، عن
ابن عباس ، سئل عن [ صلاة الفجر ، فقال : إنها لفي كتاب الله ، ولا يقوم عليها ] . . . . . ثم قرأ : (
في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال ) ، الآية [ سورة النور : 36 ] .
[ ص: 357 ]
15627 - حدثنا
بشر قال : حدثنا
يزيد قال : حدثنا
سعيد ، عن
قتادة ، قوله : (
واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة ) ، إلى قوله : (
بالغدو والآصال ) ،
أمر الله بذكره ، ونهى عن الغفلة . أما " بالغدو " : فصلاة الصبح " والآصال " : بالعشي .