القول في
تأويل قوله ( يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم )
قال
أبو جعفر : اختلف أهل التأويل في تأويل قوله : (
إذا دعاكم لما يحييكم ) .
فقال بعضهم : معناه : استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم للإيمان .
[ ص: 464 ]
* ذكر من قال ذلك :
15867 - حدثني
محمد بن الحسين قال ، حدثنا
أحمد بن المفضل قال ، حدثنا
أسباط عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : (
يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم ) ، قال : أما " ما يحييكم " ، فهو الإسلام ، أحياهم بعد موتهم ، بعد كفرهم . * * *
وقال آخرون : للحق .
* ذكر من قال ذلك :
15868 - حدثنا
محمد بن عمرو قال ، حدثنا
أبو عاصم قال ، حدثنا
عيسى ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد في قول الله : (
لما يحييكم ) ، قال : الحق .
15869 - حدثني
المثنى قال ، حدثنا
أبو حذيفة قال ، حدثنا
شبل ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، مثله .
15870 - حدثني
المثنى قال ، حدثنا
إسحاق قال ، حدثنا
عبد الله ، عن
ورقاء ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد قوله : (
إذا دعاكم لما يحييكم ) ، قال : الحق .
15871 - حدثنا
ابن حميد قال ، حدثنا
حكام قال ، حدثنا
عنبسة ، عن
محمد بن عبد الرحمن ، عن
القاسم بن أبي بزة ، عن
مجاهد في قوله : (
استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم ) ، قال : للحق . * * *
وقال آخرون : معناه : إذا دعاكم إلى ما في القرآن .
* ذكر من قال ذلك :
15872 - حدثنا
بشر قال ، حدثنا
يزيد قال ، حدثنا
سعيد ، عن
قتادة [ ص: 465 ] قوله : (
يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم ) ، قال : هو هذا القرآن ، فيه الحياة والثقة والنجاة والعصمة في الدنيا والآخرة . * * *
وقال آخرون : معناه : إذا دعاكم إلى الحرب وجهاد العدو .
* ذكر من قال ذلك :
15873 - حدثنا
ابن حميد قال ، حدثنا
سلمة ، عن
ابن إسحاق : (
يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم ) ، أي : للحرب الذي أعزكم الله بها بعد الذل ، وقواكم بعد الضعف ، ومنعكم بها من عدوكم بعد القهر منهم لكم . * * *
قال
أبو جعفر : وأولى الأقوال في ذلك بالصواب ، قول من قال : معناه : استجيبوا لله وللرسول بالطاعة ، إذا دعاكم الرسول لما يحييكم من الحق . وذلك أن ذلك إذا كان معناه ، كان داخلا فيه الأمر بإجابتهم لقتال العدو والجهاد ، والإجابة إذا دعاكم إلى حكم القرآن ، وفي الإجابة إلى كل ذلك حياة المجيب . أما في الدنيا ، فبقاء الذكر الجميل ، وذلك له فيه حياة . وأما في الآخرة ، فحياة الأبد في الجنان والخلود فيها . * * *
وأما قول من قال : معناه الإسلام ، فقول لا معنى له . لأن الله قد وصفهم بالإيمان بقوله : (
يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم ) ، فلا وجه لأن يقال للمؤمن : استجب لله وللرسول إذا دعا إلى الإسلام والإيمان . * * *
[ ص: 466 ]
وبعد ، ففيما : -
15874 - حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12235أحمد بن المقدام العجلي قال ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17360يزيد بن زريع قال ، حدثنا
روح بن القاسم ، عن
العلاء بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=811522خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي وهو يصلي ، فدعاه : أي أبي ! فالتفت إليه أبي ولم يجبه . ثم إن أبيا خفف الصلاة ، ثم انصرف إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : السلام عليك ، أي رسول الله ! قال : وعليك ، ما منعك إذ دعوتك أن تجيبني ؟ قال : يا رسول الله ، كنت أصلي ! قال : أفلم تجد فيما أوحي إلي : " استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم " ؟ قال : بلى ، يا رسول الله ! لا أعود .
[ ص: 467 ]
15875 - حدثنا
أبو كريب قال ، حدثنا
خالد بن مخلد ، عن
محمد بن جعفر ، عن
العلاء ، عن أبيه ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=811523مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي وهو قائم يصلي ، فصرخ به [ فلم يجبه ، ثم جاء ] ، فقال : يا أبي ، ما منعك أن تجيبني إذ دعوتك ؟ أليس الله يقول : ( يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم ) ؟ قال أبي : لا جرم يا رسول الله ، لا تدعوني إلا أجبت وإن كنت أصلي ! * * *
ما يبين عن أن المعني بالآية ، هم الذين يدعوهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ما فيه حياتهم بإجابتهم إليه من الحق بعد إسلامهم ، لأن أبيا لا شك أنه كان مسلما في الوقت الذي قال له النبي صلى الله عليه وسلم ما ذكرنا في هذين الخبرين . * * *