القول في
تأويل قوله ( قل أنفقوا طوعا أو كرها لن يتقبل منكم إنكم كنتم قوما فاسقين ( 53 ) )
قال
أبو جعفر : يقول تعالى ذكره لنبيه
محمد صلى الله عليه وسلم : ( قل ) ، يا
محمد ، لهؤلاء المنافقين : أنفقوا كيف شئتم أموالكم في سفركم هذا وغيره ، وعلى أي حال شئتم ، من حال الطوع والكره ، فإنكم إن تنفقوها لن يتقبل الله منكم نفقاتكم ، وأنتم في شك من دينكم ، وجهل منكم بنبوة نبيكم ، وسوء معرفة منكم بثواب الله وعقابه ( إنكم كنتم قوما فاسقين ) ، يقول : خارجين عن الإيمان بربكم .
وخرج قوله : (
أنفقوا طوعا أو كرها ) ، مخرج الأمر ، ومعناه الجزاء ، والعرب تفعل ذلك في الأماكن التي يحسن فيها "إن" ، التي تأتي بمعنى الجزاء ، كما قال جل ثناؤه : (
استغفر لهم أو لا تستغفر لهم ) [ سورة التوبة : 80 ] ، فهو في لفظ الأمر ، ومعناه الجزاء ، ومنه قول الشاعر :
أسيئي بنا أو أحسني لا ملومة لدينا ، ولا مقلية إن تقلت
[ ص: 294 ]
فكذلك قوله : (
أنفقوا طوعا أو كرها ) ، إنما معناه : إن تنفقوا طوعا أو كرها فلن يتقبل منكم .
وقيل : إن هذه الآية نزلت في
الجد بن قيس ، حين قال للنبي صلى الله عليه وسلم ، لما عرض عليه النبي صلى الله عليه وسلم الخروج معه لغزو
الروم : "هذا مالي أعينك به" .
16803 - حدثنا
القاسم قال : حدثنا
الحسين قال : حدثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج قال : قال
ابن عباس : قال :
الجد بن قيس : إني إذا رأيت النساء لم أصبر حتى أفتتن ، ولكن أعينك بمالي ! قال : ففيه نزلت (
أنفقوا طوعا أو كرها لن يتقبل منكم ) ، قال : لقوله "أعينك بمالي" .