القول في تأويل قوله تعالى : (
إن الذين لا يرجون لقاءنا ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها والذين هم عن آياتنا غافلون ( 7 )
أولئك مأواهم النار بما كانوا يكسبون ( 8 ) )
قال
أبو جعفر : يقول ، تعالى ذكره : إن الذين لا يخافون لقاءنا يوم القيامة ، فهم لذلك مكذبون بالثواب والعقاب ، متنافسون في زين الدنيا وزخارفها ، راضون بها عوضا من الآخرة ، مطمئنين إليها ساكنين والذين هم عن آيات الله وهي أدلته على وحدانيته ، وحججه على عباده في إخلاص العبادة له ( غافلون ) ، معرضون عنها لاهون ، لا يتأملونها تأمل ناصح لنفسه ، فيعلموا بها حقيقة ما دلتهم عليه ، ويعرفوا بها بطول ما هم عليه مقيمون (
أولئك مأواهم النار ) ، يقول جل ثناؤه : هؤلاء الذين هذه صفتهم ( مأواهم ) ، مصيرهم إلى النار نار
[ ص: 26 ] جهنم في الآخرة (
بما كانوا يكسبون ) ، في الدنيا من الآثام والأجرام ، ويجترحون من السيئات .
والعرب تقول : " فلان لا يرجو فلانا " : إذا كان لا يخافه .
ومنه قول الله جل ثناؤه : (
ما لكم لا ترجون لله وقارا ) . [ سورة نوح : 13 ] ، ومنه قول
أبي ذؤيب :
إذا لسعته النحل لم يرج لسعها وخالفها في بيت نوب عواسل
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
17553 - حدثني
محمد بن عمرو قال : حدثنا
أبو عاصم قال : حدثنا
عيسى عن
ابن أبي نجيح عن
مجاهد : (
واطمأنوا بها ) ، قال : هو مثل قوله : (
من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها ) .
17554 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
أبو حذيفة قال : حدثنا
شبل عن
ابن أبي نجيح عن
مجاهد في قوله : (
إن الذين لا يرجون لقاءنا ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها ) ، قال : هو مثل قوله : (
من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها ) [ سورة هود : 15 ] .
17555 - حدثنا
القاسم قال : حدثنا
الحسين قال : حدثني
حجاج عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج عن
مجاهد مثله .
17556 - حدثنا
بشر قال : حدثنا
يزيد قال : حدثنا
سعيد عن
قتادة : قوله (
إن الذين لا يرجون لقاءنا ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها والذين هم عن [ ص: 27 ] آياتنا غافلون ) ، قال : إذا شئت رأيت صاحب دنيا ، لها يفرح ، ولها يحزن ، ولها يسخط ، ولها يرضى .
17557 - حدثني
يونس قال : أخبرنا
ابن وهب قال : قال
ابن زيد في قوله : (
إن الذين لا يرجون لقاءنا ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها ) ، الآية كلها ، قال : هؤلاء أهل الكفر . ثم قال : (
أولئك مأواهم النار بما كانوا يكسبون ) .