القول في تأويل قوله تعالى : (
ولقد أهلكنا القرون من قبلكم لما ظلموا وجاءتهم رسلهم بالبينات وما كانوا ليؤمنوا كذلك نجزي القوم المجرمين ( 13 ) )
قال
أبو جعفر : يقول ، تعالى ذكره : ولقد أهلكنا الأمم التي كذبت رسل الله من قبلكم أيها المشركون بربهم (
لما ظلموا ) ، يقول : لما أشركوا وخالفوا أمر الله ونهيه (
وجاءتهم رسلهم ) من عند الله ، (
بالبينات ) ، وهي الآيات والحجج
[ ص: 38 ] التي تبين عن صدق من جاء بها .
ومعنى الكلام : وجاءتهم رسلهم بالآيات البينات أنها حق (
وما كانوا ليؤمنوا ) يقول : فلم تكن هذه الأمم التي أهلكناها ليؤمنوا برسلهم ويصدقوهم إلى ما دعوهم إليه من توحيد الله وإخلاص العبادة له (
وكذلك نجزي المجرمين ) ، يقول ، تعالى ذكره : كما أهلكنا هذه القرون من قبلكم - أيها المشركون - بظلمهم أنفسهم ، وتكذيبهم رسلهم ، وردهم نصيحتهم ، كذلك أفعل بكم فأهلككم كما أهلكتهم بتكذيبكم رسولكم
محمدا صلى الله عليه وسلم ، وظلمكم أنفسكم بشرككم بربكم ، إن أنتم لم تنيبوا وتتوبوا إلى الله من شرككم فإن من ثواب الكافر بي على كفره عندي ، أن أهلكه بسخطي في الدنيا ، وأورده النار في الآخرة .