[ القول في تأويل قوله تعالى : (
قالت فذلكن الذي لمتنني فيه ولقد راودته عن نفسه فاستعصم ولئن لم يفعل ما آمره ليسجنن وليكونا من الصاغرين ( 32 ) )
قال
أبو جعفر : يقول تعالى ذكره : قالت
امرأة العزيز للنسوة اللاتي قطعن أيديهن ، فهذا الذي أصابكن في رؤيتكن إياه ، وفي نظرة منكن نظرتن إليه ما أصابكن من ذهاب العقل وعزوب الفهم ولها ، ألهتن حتى قطعتن أيديكن ، هو الذي لمتنني في حبي إياه ، وشغف فؤادي به ، فقلتن : قد شغف
امرأة العزيز فتاها حبا ، إنا لنراها في ضلال مبين! ثم أقرت لهن بأنها قد راودته عن نفسه ،
[ ص: 86 ] وأن الذي تحدثن به عنها في أمره حق فقالت : (
ولقد راودته عن نفسه فاستعصم ) ، مما راودته عليه من ذلك كما : -
19243 - حدثنا
ابن وكيع ، قال : حدثنا
عمرو بن محمد ، عن
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي ، قالت : (
فذلكن الذي لمتنني فيه ولقد راودته عن نفسه فاستعصم ) : ، تقول : بعد ما حل السراويل استعصى ، لا أدري ما بدا له .
19244 - حدثنا
بشر ، قال : حدثنا
يزيد ، قال : حدثنا
سعيد ، عن
قتادة ، قوله : ( فاستعصم ) ، أي : فاستعصى .
19245 - حدثني
علي بن داود ، قال : حدثنا
عبد الله بن صالح ، قال : حدثني
معاوية ، عن
علي ، عن
ابن عباس ، قوله : ( فاستعصم ) ، يقول : فامتنع .
وقوله : (
ولئن لم يفعل ما آمره ليسجنن وليكونا من الصاغرين ) ، تقول : ولئن لم يطاوعني على ما أدعوه إليه من حاجتي إليه ( ليسجنن ) ، تقول : ليحبسن وليكونا من أهل الصغار والذلة بالحبس والسجن ، ولأهيننه
والوقف على قوله : " ليسجنن " ، بالنون ، لأنها مشددة ، كما قيل : ( ليبطئن ) ، [ سورة النساء : 72 ]
وأما قوله : ( وليكونا ) فإن الوقف عليه بالألف ، لأنها النون الخفيفة ، وهي شبيهة نون الإعراب في الأسماء في قول القائل : " رأيت رجلا عندك " ، فإذا وقف على " الرجل " قيل : " رأيت رجلا " ، فصارت النون ألفا . فكذلك ذلك في : " وليكونا " ، ومثله قوله : (
لنسفعا بالناصية ناصية ) ، [ سورة العلق : 15 ، 16 ] الوقف عليه بالألف لما ذكرت ; ومنه قول
الأعشى :
[ ص: 87 ] وصل على حين العشيات والضحى ولا تعبد الشيطان والله فاعبدا
وإنما هو : " فاعبدن " ، ولكن إذا وقف عليه كان الوقف بالألف .