[ ص: 90 ] [ القول في تأويل قوله تعالى : (
فاستجاب له ربه فصرف عنه كيدهن إنه هو السميع العليم ( 34 ) )
قال
أبو جعفر : إن قال قائل : وما وجه قوله : (
فاستجاب له ربه ) ، ولا مسألة تقدمت من
يوسف لربه ، ولا دعا بصرف كيدهن عنه ، وإنما أخبر ربه أن السجن أحب إليه من معصيته؟
قيل : إن في إخباره بذلك شكاية منه إلى ربه مما لقي منهن ، وفي قوله : (
وإلا تصرف عني كيدهن أصب إليهن ) ، معنى دعاء ومسألة منه ربه صرف كيدهن ، ولذلك قال الله تعالى ذكره : (
فاستجاب له ربه ) ، وذلك كقول القائل لآخر : " إن لا تزرني أهنك " ، فيجيبه الآخر : " إذن أزورك " ، لأن في قوله : " إن لا تزرني أهنك " ، معنى الأمر بالزيارة .
قال
أبو جعفر : وتأويل الكلام : فاستجاب الله
ليوسف دعاءه ، فصرف عنه ما أرادت منه
امرأة العزيز وصواحباتها من معصية الله ، كما : -
19252 - حدثنا
ابن حميد ، قال : حدثنا
سلمة ، عن
ابن إسحاق : (
فاستجاب له ربه فصرف عنه كيدهن إنه هو السميع العليم ) ، أي : نجاه من أن يركب المعصية فيهن ، وقد نزل به بعض ما حذر منهن .
وقوله : (
إنه هو السميع ) ، دعاء
يوسف حين دعاه بصرف كيد النسوة عنه ، ودعاء كل داع من خلقه ( العليم ) ، بمطلبه وحاجته ، وما يصلحه ، وبحاجة جميع خلقه وما يصلحهم .