القول في تأويل قوله تعالى : (
والله جعل لكم من بيوتكم سكنا وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتا تستخفونها يوم ظعنكم ويوم إقامتكم ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثا ومتاعا إلى حين ( 80 ) )
يقول تعالى ذكره (
والله جعل لكم ) أيها الناس ، (
من بيوتكم ) التي هي من الحجر والمدر ، ( سكنا ) تسكنون أيام مقامكم في دوركم وبلادكم (
وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتا ) وهي البيوت من الأنطاع والفساطيط من الشعر والصوف والوبر . (
تستخفونها ) يقول : تستخفون حملها ونقلها ، (
يوم ظعنكم ) من بلادكم وأمصاركم لأسفاركم ، (
ويوم إقامتكم ) في بلادكم وأمصاركم . (
ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثا ) .
وبنحو الذي قلنا في معنى السكن قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
محمد بن عمرو ، قال : ثنا
أبو عاصم ، قال : ثنا
عيسى وحدثني
الحارث ، قال : ثنا
الحسن ، قال : ثنا
ورقاء وحدثني
المثنى ، قال : ثنا
إسحاق ، قال : ثنا
عبد الله ، عن
ورقاء ، جميعا عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، في قول الله تعالى (
من بيوتكم سكنا ) قال : تسكنون فيه .
حدثنا
القاسم ، قال : ثنا
الحسين ، قال : ثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
مجاهد ، مثله .
وأما الأشعار فجمع شعر تثقل عينه وتخفف ، وواحد الشعر شعرة . وأما الأثاث فإنه متاع البيت لم يسمع له بواحد ، وهو في أنه لا واحد له مثل المتاع . وقد حكي عن بعض النحويين أنه كان يقول : واحد الأثاث أثاثة
[ ص: 268 ] ولم أر أهل العلم بكلام العرب يعرفون ذلك .
ومن الدليل على أن الأثاث هو المتاع ، قول الشاعر :
أهاجتك الظعائن يوم بانوا بذي الرئي الجميل من الأثاث
ويروى : بذي الزي ، وأنا أرى أصل الأثاث اجتماع بعض المتاع إلى بعض حتى يكثر كالشعر الأثيث وهو الكثير الملتف ، يقال منه ، أث شعر فلان يئث أثا : إذا كثر والتف واجتمع .
وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس ، قوله ( أثاثا ) يعني بالأثاث : المال .
حدثني
محمد بن عمرو ، قال : ثنا
أبو عاصم ، قال : ثنا
عيسى وحدثني
الحارث ، قال : ثنا
الحسن ، قال : ثنا
ورقاء وحدثني
المثنى ، قال : أخبرنا
إسحاق ، قال : ثنا
عبد الله ، عن
ورقاء ، جميعا عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، في قول الله تعالى ( أثاثا ) قال : متاعا .
حدثنا
القاسم ، قال : ثنا
الحسين ، قال : ثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
مجاهد ، مثله .
حدثنا
ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا
ابن ثور ، عن
معمر ، عن
قتادة ( أثاثا ) قال : هو المال .
حدثني
المثنى ، قال : ثنا
عبد الله بن حرب الرازي ، قال : أخبرنا
سلمة ، [ ص: 269 ] عن
محمد بن إسحاق ، عن
حميد بن عبد الرحمن ، في قوله ( أثاثا ) قال : الثياب .
وقوله : (
ومتاعا إلى حين ) فإنه يعني : أنه جعل ذلك لهم بلاغا ، يتبلغون ويكتفون به إلى حين آجالهم للموت . كما حدثني
محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس (
ومتاعا إلى حين ) فإنه يعني : زينة ، يقول : ينتفعون به إلى حين .
حدثني
المثنى ، قال : ثنا
أبو حذيفة ، قال : ثنا
شبل ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد (
ومتاعا إلى حين ) قال : إلى الموت .
حدثنا
ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا
ابن ثور ، عن
معمر ، عن
قتادة (
ومتاعا إلى حين ) إلى أجل وبلغة .