صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( فأشارت إليه قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبيا ( 29 ) )

يقول تعالى ذكره : فلما قال قومها ذلك لها قالت لهم ما أمرها عيسى بقيله لهم ، ثم أشارت لهم إلى عيسى أن كلموه .

كما حدثنا موسى ، قال : ثنا عمرو ، قال : ثنا أسباط ، عن السدي ، قال : لما قالوا لها ( ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيا ) قالت لهم ما أمرها الله به ، فلما أرادوها بعد ذلك على الكلام أشارت إليه ، إلى عيسى .

حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله ( فأشارت إليه ) قال : أمرتهم بكلامه .

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، عمن لا يتهم ، عن وهب بن منبه ( فأشارت إليه ) يقول : أشارت إليه أن كلموه .

حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، قوله ( فأشارت إليه ) أن كلموه .

وقوله ( قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبيا ) يقول تعالى ذكره ، قال قومها لها : كيف نكلم من وجد في المهد؟ وكان في قوله ( من كان في المهد صبيا ) معناها التمام ، لا التي تقتضي الخبر ، وذلك شبيه المعنى بكان التي في قوله ( هل كنت إلا بشرا رسولا ) وإنما معنى ذلك : هل أنا إلا بشر رسول؟ [ ص: 189 ] وهل وجدت أو بعثت; وكما قال زهير بن أبي سلمى :


زجرت عليه حرة أرحبية وقد كان لون الليل مثل الأرندج



بمعنى : وقد صار أو وجد . وقيل : إنه عنى بالمهد في هذا الموضع : حجر أمه .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( من كان في المهد صبيا ) والمهد : الحجر .

قال أبو جعفر : وقد بينا معنى المهد فيما مضى بشواهده ، فأغنى عن إعادته في هذا الموضع .

التالي السابق


الخدمات العلمية