القول في
تأويل قوله تعالى : ( كذلك قال الذين لا يعلمون مثل قولهم )
قال
أبو جعفر : اختلف أهل التأويل في الذين عنى الله بقوله : (
كذلك قال الذين لا يعلمون ) . فقال بعضهم بما : -
1816 - حدثني به
المثنى قال : حدثنا
إسحاق قال : حدثنا
ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن
الربيع ، (
قال الذين لا يعلمون مثل قولهم ) ، قال : وقالت
النصارى مثل قول
اليهود قبلهم .
1817 - حدثنا
بشر بن سعيد ، عن
قتادة : (
قال الذين لا يعلمون مثل قولهم ) ، قال : قالت
النصارى مثل قول
اليهود قبلهم .
وقال آخرون بما : -
[ ص: 517 ]
1818 - حدثنا به
القاسم قال : حدثنا
الحسين قال : حدثني
حجاج قال : قال
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج : قلت
لعطاء : من هؤلاء الذين لا يعلمون؟ قال : أمم كانت قبل
اليهود والنصارى ، وقبل التوراة والإنجيل .
وقال بعضهم : عنى بذلك مشركي العرب؛ لأنهم لم يكونوا أهل كتاب فنسبوا إلى الجهل ، ونفي عنهم من أجل ذلك العلم .
ذكر من قال ذلك :
1819 - حدثني
موسى بن هارون قال : حدثنا
عمرو قال : حدثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : (
كذلك قال الذين لا يعلمون مثل قولهم ) ، فهم العرب ، قالوا : ليس
محمد صلى الله عليه وسلم على شيء .
قال
أبو جعفر : والصواب من القول في ذلك عندنا أن يقال : إن الله تبارك وتعالى أخبر عن قوم وصفهم بالجهل ، ونفى عنهم العلم بما كانت
اليهود والنصارى به عالمين - أنهم قالوا بجهلهم نظير ما قال
اليهود والنصارى بعضها لبعض مما أخبر الله عنهم أنهم قالوه في قوله : (
وقالت اليهود ليست النصارى على شيء وقالت النصارى ليست اليهود على شيء ) . وجائز أن يكونوا هم المشركين من العرب ، وجائز أن يكونوا أمة كانت قبل
اليهود والنصارى . ولا أمة أولى أن يقال هي التي عنيت بذلك من أخرى ، إذ لم يكن في الآية دلالة على أي من أي ، ولا خبر بذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثبتت حجته من جهة نقل الواحد العدل ، ولا من جهة النقل المستفيض .
وإنما قصد الله - جل ثناؤه - بقوله : (
كذلك قال الذين لا يعلمون مثل قولهم ) ، إعلام المؤمنين أن
اليهود والنصارى قد أتوا من قيل الباطل ، وافتراء الكذب على الله ، وجحود نبوة الأنبياء والرسل ، وهم أهل كتاب! يعلمون أنهم فيما يقولون مبطلون ، وبجحودهم ما يجحدون من ملتهم خارجون ، وعلى الله مفترون ، مثل الذي قاله أهل الجهل بالله وكتبه ورسله ، الذين لم يبعث الله لهم رسولا ولا أوحى إليهم كتابا .
[ ص: 518 ]
وهذه الآية تنبئ عن أن من أتى شيئا من معاصي الله على علم منه بنهي الله عنها ، فمصيبته في دينه أعظم من مصيبة من أتى ذلك جاهلا به؛ لأن الله تعالى ذكره عظم توبيخ
اليهود والنصارى بما وبخهم به في قيلهم ما أخبر عنهم بقوله : (
وقالت اليهود ليست النصارى على شيء وقالت النصارى ليست اليهود على شيء ) ، من أجل أنهم أهل كتاب قالوا ما قالوا من ذلك على علم منهم أنهم مبطلون .