القول في تأويل قوله تعالى : (
الله الذي خلقكم ثم رزقكم ثم يميتكم ثم يحييكم هل من شركائكم من يفعل من ذلكم من شيء سبحانه وتعالى عما يشركون ( 40 ) )
[ ص: 107 ]
يقول - تعالى ذكره - للمشركين به ، معرفهم قبح فعلهم ، وخبث صنيعهم : الله أيها القوم الذي لا تصلح العبادة إلا له ، ولا ينبغي أن تكون لغيره ، هو الذي خلقكم ولم تكونوا شيئا ، ثم رزقكم وخولكم ، ولم تكونوا تملكون قبل ذلك ، ثم هو يميتكم من بعد أن خلقكم أحياء ، ثم يحييكم من بعد مماتكم لبعث القيامة .
كما حدثنا
بشر قال : ثنا
يزيد قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة قوله : (
الله الذي خلقكم ثم رزقكم ثم يميتكم ثم يحييكم ) للبعث بعد الموت .
وقوله : (
هل من شركائكم من يفعل من ذلكم من شيء ) يقول - تعالى ذكره - : هل من آلهتكم وأوثانكم التي تجعلونهم لله في عبادتكم إياه شركاء من يفعل من ذلكم من شيء ، فيخلق ، أو يرزق ، أو يميت ، أو ينشر ، وهذا من الله تقريع لهؤلاء المشركين . وإنما معنى الكلام أن شركاءهم لا تفعل شيئا من ذلك ، فكيف يعبد من دون الله من لا يفعل شيئا من ذلك ، ثم برأ نفسه - تعالى ذكره - عن الفرية التي افتراها هؤلاء المشركون عليه بزعمهم أن آلهتهم له شركاء ، فقال جل ثناؤه ( سبحانه ) أي تنزيها لله وتبرئة ( وتعالى ) يقول : وعلوا له (
عما يشركون ) يقول : عن شرك هؤلاء المشركين به .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
بشر قال : ثنا
يزيد قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة قوله : (
هل من شركائكم من يفعل من ذلكم من شيء ) لا والله (
سبحانه وتعالى عما يشركون ) يسبح نفسه إذ قيل عليه البهتان .