[ ص: 19 ] القول في
تأويل قوله تعالى ( قال ومن ذريتي )
قال
أبو جعفر : يعني جل ثناؤه بذلك : قال
إبراهيم - لما رفع الله منزلته وكرمه ، فأعلمه ما هو صانع به ، من تصييره إماما في الخيرات لمن في عصره ، ولمن جاء بعده من ذريته وسائر الناس غيرهم ، يهتدى بهديه ويقتدى بأفعاله وأخلاقه - : يا رب ، ومن ذريتي فاجعل أئمة يقتدى بهم ، كالذي جعلتني إماما يؤتم بي ويقتدى بي . مسألة من
إبراهيم ربه سأله إياها ، كما : -
1944 - حدثت عن
عمار قال : حدثنا
ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن
الربيع ، قال : قال
إبراهيم : "ومن ذريتي" ، يقول : فاجعل من ذريتي من يؤتم به ويقتدى به .
وقد زعم بعض الناس أن قول
إبراهيم : "ومن ذريتي" ، مسألة منه ربه لعقبه أن يكونوا على عهده ودينه ، كما قال : (
واجنبني وبني أن نعبد الأصنام ) [ سورة إبراهيم : 35 ] ، فأخبر الله جل ثناؤه أن في عقبه الظالم المخالف له في دينه ، بقوله : "لا ينال عهدي الظالمين" .
والظاهر من التنزيل يدل على غير الذي قاله صاحب هذه المقالة . لأن قول
إبراهيم صلوات الله عليه : "ومن ذريتي" ، في إثر قول الله جل ثناؤه : "إني جاعلك للناس إماما" . فمعلوم أن الذي سأله
إبراهيم لذريته ، لو كان غير الذي أخبر ربه أنه أعطاه إياه ، لكان مبينا . ولكن المسألة لما كانت مما جرى ذكره ، اكتفى بالذكر الذي قد مضى ، من تكريره وإعادته ، فقال : "ومن ذريتي" ، بمعنى : ومن ذريتي فاجعل مثل الذي جعلتني به ، من الإمامة للناس .