القول في تأويل قوله تعالى : (
وما كان له عليهم من سلطان إلا لنعلم من يؤمن بالآخرة ممن هو منها في شك وربك على كل شيء حفيظ ( 21 ) )
[ ص: 393 ]
يقول - تعالى ذكره - : وما كان لإبليس على هؤلاء القوم الذين وصف صفتهم من حجة يضلهم بها إلا بتسليطناه عليهم ; ليعلم حزبنا وأولياؤنا ( من يؤمن بالآخرة ) يقول : من يصدق بالبعث والثواب والعقاب (
ممن هو منها في شك ) فلا يوقن بالمعاد ، ولا يصدق بثواب ولا عقاب .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
بشر قال : ثنا
يزيد قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة قوله ( وما كان له عليهم من سلطان ) قال : قال الحسن : والله ما ضربهم بعصا ولا سيف ولا سوط ، إلا أماني وغرورا دعاهم إليها .
قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة قوله (
إلا لنعلم من يؤمن بالآخرة ممن هو منها في شك ) قال : وإنما كان بلاء ليعلم الله المؤمن من الكافر . وقيل : عني بقوله (
إلا لنعلم من يؤمن بالآخرة ) إلا لنعلم ذلك موجودا ظاهرا ليستحق به الثواب أو العقاب .
وقوله (
وربك على كل شيء حفيظ ) يقول - تعالى ذكره - : وربك يا
محمد على أعمال هؤلاء الكفرة به ، وغير ذلك من الأشياء كلها ( حفيظ ) لا يعزب عنه علم شيء منه ، وهو مجاز جميعهم يوم القيامة بما كسبوا في الدنيا من خير وشر .