الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض وما لهم فيهما من شرك وما له منهم من ظهير ( 22 ) ) [ ص: 394 ]

يقول - تعالى ذكره - : فهذا فعلنا بولينا ومن أطاعنا ، داود وسليمان الذي فعلنا بهما من إنعامنا عليهما النعم التي لا كفاء لها إذ شكرانا ، وذاك فعلنا بسبإ الذين فعلنا بهم ، إذ بطروا نعمتنا وكذبوا رسلنا وكفروا أيادينا ، فقل يا محمد لهؤلاء المشركين بربهم من قومك الجاحدين نعمنا عندهم : ادعوا أيها القوم الذين زعمتم أنهم لله شريك من دونه ، فسلوهم أن يفعلوا بكم بعض أفعالنا بالذين وصفنا أمرهم من إنعام أو إياس ، فإن لم يقدروا على ذلك فاعلموا أنكم مبطلون ; لأن الشركة في الربوبية لا تصلح ولا تجوز ، ثم وصف الذين يدعون من دون الله فقال : إنهم لا يملكون مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض من خير ولا شر ولا ضر ولا نفع ، فكيف يكون إلها من كان كذلك .

وقوله ( وما لهم فيهما من شرك ) يقول - تعالى ذكره - : ولا هم إذ لم يكونوا يملكون مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض منفردين بملكه من دون الله يملكونه على وجه الشركة ، لأن الأملاك في المملوكات لا تكون لمالكها إلا على أحد وجهين : إما مقسوما ، وإما مشاعا ، يقول : وآلهتهم التي يدعون من دون الله لا يملكون وزن ذرة في السماوات ولا في الأرض ، لا مشاعا ولا مقسوما ، فكيف يكون من كان هكذا شريكا لمن له ملك جميع ذلك .

وقوله ( وما له منهم من ظهير ) يقول : وما لله من الآلهة التي يدعون من دونه معين على خلق شيء من ذلك ، ولا على حفظه ، إذ لم يكن لها ملك شيء منه مشاعا ولا مقسوما ، فيقال : هو لك شريك من أجل أنه أعان وإن لم يكن له ملك شيء منه .

وبنحو الذي قلنا فى ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قوله ( قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض وما لهم فيهما من شرك ) يقول : ما لله من شريك في السماء ولا في الأرض [ ص: 395 ] ( وما له منهم ) من الذين يدعون من دون الله ( من ظهير ) من عون بشيء .

التالي السابق


الخدمات العلمية