القول في تأويل قوله تعالى : (
أولم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم وكانوا أشد منهم قوة وما كان الله ليعجزه من شيء في السماوات ولا في الأرض إنه كان عليما قديرا ( 44 ) )
[ ص: 485 ]
يقول - تعالى ذكره - : أولم يسر يا محمد هؤلاء المشركون بالله في الأرض التي أهلكنا أهلها بكفرهم بنا وتكذيبهم رسلنا فإنهم تجار يسلكون طريق
الشأم (
فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم ) من الأمم التي كانوا يمرون بها ألم نهلكهم ونخرب مساكنهم ونجعلهم مثلا لمن بعدهم ، فيتعظوا بهم وينزجروا عما هم عليه من عبادة الآلهة بالشرك بالله ، ويعلموا أن الذي فعل بأولئك ما فعل (
وكانوا أشد منهم قوة ) لن يتعذر عليه أن يفعل بهم مثل الذي فعل بأولئك من تعجيل النقمة والعذاب لهم .
وبنحو الذي قلنا في قوله (
وكانوا أشد منهم قوة ) قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
بشر قال : ثنا
يزيد قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة (
وكانوا أشد منهم قوة ) يخبركم أنه أعطى القوم ما لم يعطكم .
وقوله (
وما كان الله ليعجزه من شيء في السماوات ولا في الأرض ) يقول - تعالى ذكره - : ولن يعجزنا هؤلاء المشركون بالله من عبدة الآلهة المكذبون
محمدا ، فيسبقونا هربا في الأرض إذا نحن أردنا هلاكهم ; لأن الله لم يكن ليعجزه شيء يريده في السماوات ولا في الأرض ، ولن يقدر هؤلاء المشركون أن ينفذوا من أقطار السماوات والأرض . وقوله (
إنه كان عليما قديرا ) يقول - تعالى ذكره - : إن الله كان عليما بخلقه ، وما هو كائن ، ومن هو المستحق منهم تعجيل العقوبة ، ومن هو عن ضلالته منهم راجع إلى الهدى آيب ، قديرا على الانتقام ممن شاء منهم ، وتوفيق من أراد منهم للإيمان .