القول في تأويل قوله تعالى : (
قال هل أنتم مطلعون ( 54 )
فاطلع فرآه في سواء الجحيم ( 55 )
قال تالله إن كدت لتردين ( 56 )
ولولا نعمة ربي لكنت من المحضرين ( 57 ) )
يقول - تعالى ذكره - : قال هذا المؤمن الذي أدخل الجنة لأصحابه : (
هل أنتم مطلعون ) في النار ، لعلي أرى قريني الذي كان يقول لي : إنك لمن المصدقين بأنا مبعوثون بعد الممات .
وقوله (
فاطلع فرآه في سواء الجحيم ) يقول : فاطلع في النار فرآه في وسط الجحيم . وفي الكلام متروك استغني بدلالة الكلام عليه من ذكره ، وهو : فقالوا : نعم .
[ ص: 48 ] وبنحو الذي قلنا في تأويل قوله (
فاطلع فرآه في سواء الجحيم ) قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني علي قال : ثنا
أبو صالح قال : ثني
معاوية ، عن
علي ، عن
ابن عباس قوله (
في سواء الجحيم ) يعني : في وسط الجحيم .
حدثني
محمد بن سعد قال : ثني أبي قال : ثني عمي قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس (
في سواء الجحيم ) يعني : في وسط الجحيم .
حدثنا
ابن بشار قال : ثنا
عبد الرحمن ، قال ثنا
عباد بن راشد ، عن
الحسن ، في قوله (
في سواء الجحيم ) يقول : في وسط الجحيم .
حدثنا
ابن سنان قال : ثنا
عبد الصمد ، قال ثنا
عباد بن راشد قال : سمعت
الحسن ، فذكر مثله .
حدثنا
ابن بشار قال : ثنا
سليمان بن حرب قال : ثنا
أبو هلال ، قال : ثنا
قتادة ، في قوله (
سواء الجحيم ) قال : وسطها .
حدثنا
بشر قال : ثنا
يزيد قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة قال : (
هل أنتم مطلعون ) قال : سأل ربه أن يطلعه . قال (
فاطلع فرآه في سواء الجحيم ) : أي في وسط الجحيم .
حدثنا
بشر قال : ثنا
يزيد قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة ، عن
خليد العصري قال : لولا أن الله عرفه إياه ما عرفه ، لقد تغير حبره وسبره بعده . وذكر لنا أنه اطلع فرأى جماجم القوم ، فقال : (
تالله إن كدت لتردين ولولا نعمة ربي لكنت من المحضرين )
حدثنا
ابن بشار قال : ثنا
إبراهيم بن أبي الوزير قال : ثنا
سفيان بن عيينة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12514سعيد بن أبي عروبة ، عن
قتادة ، عن
مطرف بن عبد الله ، في قوله (
فاطلع فرآه في سواء الجحيم ) قال : والله لولا أنه عرفه ما عرفه ، لقد غيرت
[ ص: 49 ] النار حبره وسبره .
حدثنا
محمد بن الحسين قال : ثنا
أحمد قال : ثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي قوله (
هل أنتم مطلعون ) قال : كان
ابن عباس يقرؤها : " هل أنتم مطلعونى فاطلع فرآه في سواء الجحيم " قال : في وسط الجحيم .
وهذه القراءة التي ذكرها
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي ، عن
ابن عباس ، أنه كان يقرأ في ( مطلعون ) إن كانت محفوظة عنه ، فإنها من شواذ الحروف ، وذلك أن العرب لا تؤثر في المكنى من الأسماء إذا اتصل بفاعل على الإضافة في جمع أو توحيد ، لا يكادون أن يقولوا : أنت مكلمني ولا أنتما مكلماني ولا أنتم مكلموني ولا مكلمونني ، وإنما يقولون أنت مكلمي ، وأنتما مكلماي ، وأنتم مكلمي ، وإن قال قائل منهم ذلك قاله على وجه الغلط توهما به : أنت تكلمني ، وأنتما تكلمانني ، وأنتم تكلمونني ، كما قال الشاعر :
وما أدري وظني كل ظن أمسلمني إلى قومي شراحي
[ ص: 50 ] فقال : مسلمني ، وليس ذلك وجه الكلام ، بل وجه الكلام أمسلمي ، فأما إذا كان الكلام ظاهرا ولم يكن متصلا بالفاعل ، فإنهم ربما أضافوا ، وربما لم يضيفوا . فيقال : هذا مكلم أخاك ، ومكلم أخيك ، وهذان مكلما أخيك ، ومكلمان أخاك ، وهؤلاء مكلمو أخيك ، ومكلمون أخاك ، وإنما تختار الإضافة في المكنى المتصل بفاعل لمصير الحرفين باتصال أحدهما بصاحبه كالحرف الواحد .
وقوله (
تالله إن كدت لتردين ) يقول : فلما رأى قرينه في النار قال : تالله إن كدت في الدنيا لتهلكني بصدك إياي عن الإيمان بالبعث والثواب والعقاب .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
محمد بن الحسين قال : ثنا
أحمد قال : ثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي قوله (
إن كدت لتردين ) قال : لتهلكني ، يقال منه : أردى فلان فلانا : إذا أهلكه ، وردي فلان : إذا هلك . كما قال
الأعشى .
أفي الطوف خفت علي الردى وكم من رد أهله لم يرم
[ ص: 51 ] يعني بقوله : " وكم من رد " : وكم من هالك .
وقوله (
ولولا نعمة ربي لكنت من المحضرين ) يقول : ولولا أن الله أنعم علي بهدايته ، والتوفيق للإيمان بالبعث بعد الموت ، لكنت من المحضرين معك في عذاب الله .
كما حدثنا
بشر قال : ثنا
يزيد قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة (
لكنت من المحضرين ) : أي في عذاب الله .
حدثنا
محمد بن الحسين قال : ثنا
أحمد قال : ثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي قوله (
لكنت من المحضرين ) قال : من المعذبين .