القول في
تأويل قوله تعالى : ( قال يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي أستكبرت أم كنت من العالين ( 75 )
قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين ( 76 ) )
يقول - تعالى ذكره - : ( قال ) الله لإبليس ، إذ لم يسجد
لآدم ، وخالف أمره : (
يا إبليس ما منعك أن تسجد ) يقول : أي شيء منعك من السجود ( لما خلقت بيدي ) يقول : لخلق يدي ، يخبر - تعالى ذكره - بذلك أنه خلق
آدم بيديه .
كما حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12166ابن المثنى قال : ثنا
محمد بن جعفر قال : ثنا
شعبة قال : أخبرني
عبيد المكتب قال : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهدا يحدث عن
ابن عمر قال :
خلق الله أربعة بيده : العرش ، وعدن ، والقلم ،
وآدم ، ثم قال لكل شيء كن فكان .
وقوله ( أستكبرت ) يقول لإبليس : تعظمت عن السجود
لآدم ، فتركت السجود له استكبارا عليه ، ولم تكن من المتكبرين العالين قبل ذلك (
أم كنت من العالين ) يقول : أم كنت كذلك من قبل ذا علو وتكبر على ربك (
قال أنا خير منه خلقتني من نار ) يقول - جل ثناؤه - : قال إبليس لربه : فعلت ذلك فلم أسجد للذي أمرتني بالسجود له لأني خير منه وكنت خيرا لأنك خلقتني من نار وخلقته من طين ، والنار تأكل الطين وتحرقه ، فالنار خير منه ، يقول :
[ ص: 240 ] لم أفعل ذلك استكبارا عليك ، ولا لأني كنت من العالين ، ولكني فعلته من أجل أني أشرف منه ، وهذا تقريع من الله للمشركين الذين كفروا
بمحمد - صلى الله عليه وسلم - وأبوا الانقياد له ، واتباع ما جاءهم به من عند الله استكبارا عن أن يكونوا تبعا لرجل منهم حين قالوا : (
أؤنزل عليه الذكر من بيننا ) و (
هل هذا إلا بشر مثلكم ) فقص عليهم تعالى
قصة إبليس وإهلاكه باستكباره عن السجود لآدم بدعواه أنه خير منه ، من أجل أنه خلق من نار ، وخلق
آدم من طين ، حتى صار شيطانا رجيما ، وحقت عليه من الله لعنته ، محذرهم بذلك أن يستحقوا باستكبارهم على
محمد ، وتكذيبهم إياه فيما جاءهم به من عند الله حسدا وتعظما - من اللعن والسخط ما استحقه إبليس بتكبره عن السجود
لآدم .