القول في تأويل قوله تعالى : (
إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم أجر غير ممنون ( 8 )
قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له أندادا ذلك رب العالمين ( 9 ) )
يقول - تعالى ذكره - : إن الذين صدقوا الله ورسوله ، وعملوا بما أمرهم الله به ورسوله ، وانتهوا عما نهاهم عنه ، وذلك هو الصالحات من الأعمال . (
لهم أجر غير ممنون ) يقول : لمن فعل ذلك أجر غير منقوص عما وعدهم أن
[ ص: 432 ] يأجرهم عليه .
وقد اختلف في تأويل ذلك أهل التأويل ، وقد بيناه فيما مضى بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع . وقد :
حدثنا
محمد بن الحسين قال : ثنا
أحمد بن المفضل ، قال : ثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي (
لهم أجر غير ممنون ) قال بعضهم : غير منقوص . وقال بعضهم : غير ممنون عليهم .
حدثني
علي قال : ثنا
أبو صالح قال : ثني
معاوية ، عن
علي ، عن
ابن عباس قوله : (
أجر غير ممنون ) يقول : غير منقوص .
حدثني
محمد بن عمرو قال : ثنا
أبو عاصم قال : ثنا
عيسى ، وحدثني
الحارث قال : ثنا
الحسن قال : ثنا
ورقاء جميعا ، عن
ابن أبي نجيح قوله : (
لهم أجر غير ممنون ) قال : محسوب .
وقوله : (
أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين ) وذلك يوم الأحد ويوم الاثنين؛ وبذلك جاءت الأخبار عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقالته العلماء ، وقد ذكرنا كثيرا من ذلك فيما مضى قبل ، ونذكر بعض ما لم نذكره قبل إن شاء الله .
ذكر بعض ما لم نذكره فيما مضى من الأخبار بذلك :
حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17259هناد بن السري قال : ثنا
أبو بكر بن عياش ، عن
أبي سعيد البقال ، عن
عكرمة ، عن
ابن عباس قال
هناد : قرأت سائر الحديث على
أبي بكر "
nindex.php?page=hadith&LINKID=812520أن اليهود أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فسألته عن خلق السموات والأرض ، قال : " خلق الله الأرض يوم الأحد والاثنين ، وخلق الجبال يوم الثلاثاء وما فيهن من منافع ، وخلق يوم الأربعاء الشجر والماء والمدائن والعمران والخراب ، فهذه أربعة ، ثم قال : أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين ، وتجعلون له أندادا ، ذلك رب العالمين ، وجعل فيها رواسي من فوقها [ ص: 433 ] وبارك فيها ، وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين لمن سأل . قال : وخلق يوم الخميس السماء ، وخلق يوم الجمعة النجوم والشمس والقمر والملائكة إلى ثلاث ساعات بقيت منه فخلق في أول ساعة من هذه الثلاثة الآجال حين يموت من مات ، وفي الثانية ألقى الآفة على كل شيء مما ينتفع به الناس ، وفي الثالثة آدم وأسكنه الجنة ، وأمر إبليس بالسجود له ، وأخرجه منها في آخر ساعة " قالت اليهود : ثم ماذا يا محمد ؟ قال : " ثم استوى على العرش " قالوا : قد أصبت لو أتممت ، قالوا : ثم استراح؛ فغضب النبي - صلى الله عليه وسلم - غضبا شديدا ، فنزل : ( ولقد خلقنا السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب فاصبر على ما يقولون ) .
حدثنا
تميم بن المنتصر قال : أخبرنا
إسحاق ، عن
شريك ، عن
غالب بن غلاب ، عن
عطاء بن أبي رباح ، عن
ابن عباس قال : إن الله خلق يوما واحدا فسماه الأحد ، ثم خلق ثانيا فسماه الإثنين ، ثم خلق ثالثا فسماه الثلاثاء ، ثم خلق رابعا فسماه الأربعاء ، ثم خلق خامسا فسماه الخميس؛ قال : فخلق الأرض في يومين : الأحد والاثنين ، وخلق الجبال يوم الثلاثاء ، فذلك قول الناس : هو يوم ثقيل ، وخلق مواضع الأنهار والأشجار يوم الأربعاء ، وخلق الطير والوحوش والهوام والسباع يوم الخميس ، وخلق الإنسان يوم الجمعة ، ففرغ من خلق كل شيء يوم الجمعة .
حدثنا
موسى قال :
ثنا عمرو قال : ثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي (
خلق الأرض في يومين ) في الأحد والإثنين .
وقد قيل غير ذلك .
وذلك ما حدثني
القاسم بن بشر بن معروف nindex.php?page=showalam&ids=17والحسين بن علي قالا ثنا
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج قال أخبرني
إسماعيل بن أمية ، عن
أيوب بن خالد ، عن
عبد الله بن رافع مولى أم سلمة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : أخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيدي فقال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=810967خلق الله التربة يوم السبت ، وخلق فيها الجبال يوم الأحد ، وخلق الشجر يوم الاثنين ، وخلق المكروه يوم الثلاثاء ، [ ص: 434 ] وخلق النور يوم الأربعاء ، وبث فيها الدواب يوم الخميس ، وخلق آدم بعد العصر يوم الجمعة آخر خلق في آخر ساعة من ساعات الجمعة فيما بين العصر إلى الليل " .
وقوله : (
وتجعلون له أندادا ) يقول : وتجعلون لمن خلق ذلك كذلك أندادا ، وهم الأكفاء من الرجال تطيعونهم في معاصي الله ، وقد بينا معنى الند بشواهده فيما مضى قبل .
وقوله : (
ذلك رب العالمين ) يقول : الذي فعل هذا الفعل ، وخلق الأرض في يومين ، مالك جميع الجن والإنس ، وسائر أجناس الخلق ، وكل ما دونه مملوك له ، فكيف يجوز أن يكون له ند ؟! هل يكون المملوك العاجز الذي لا يقدر على شيء ندا لمالكه القادر عليه ؟ .